أعلن بنك الجزائر، منذ ما يقارب الخمس أشهر، عن تخفيض الاحتياطي الإجباري للبنوك من 8 بالمائة إلى 4 بالمائة، وذلك لتوفير سيولة أكبر، وبعد هذه الإجراءات ها هو اليوم يعلن من جديد عن رفع هذه النسبة لتستقر عند 8 بالمائة، وهي النسبة التي تنازل عنها منذ خمسة أشهر. قال الخبير في الاقتصاد النقدي، كمال سي محمد، إن رفع هذه النسبة هو إجراء استباقي لكبح التضخم بسبب التمويل غير التقليدي، وهو أيضا نسبة من الأموال ستضعها البنوك التجارية عند البنك المركزي للاحتفاظ بها، وهذا لتنقية الدين الحكومي، مضيفا أن إقراض البنك المركزي للخزينة سيؤدي بهذه الأخيرة لإعادة ضخها للبنك عن طريق الودائع الحكومة. وأفاد كمال سي محمد، في تصريح ل "الحوار"، أن هذا الإجراء يوضح تماما حجم الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة والبنك المركزي في استعجالهما التمويل غير التقليدي قبل أدوات نقدية أخرى، مضيفا أن معدل 8% للاحتياطي الإلزامي ومعدل 3.5 لسعر الخصم، دليل دلالة كبرى على عدم استنفاد الأدوات النقدية قبل الشروع في التمويل غير التقليدي. كما صرح المتحدث أن هذا الإجراء سيبطئ المضاعف النقدي قليلا وفي النهاية عرض النقد والتضخم، ولكن ليس بالحد الكبير، مضيفا بالقول: "هذا التعطيل النقدي يتحدد بمدى تفاعل البنوك التجارية، فربما البنوك التجارية سترفع سعر الإقراض لتعويض الكتلة الناقصة جراء هذا الإجراء، وهذا ما سيرفع التضخم مرة أخرى بسبب ارتفاع التكاليف"، مضيفا أن هناك فائضا وليس عجزا في السيولة، بدليل أن العملة المصدرة أقل بكثير من احتياطي الصرف، وهذا ما يجعل من السيولة، وإن نقصت خلال ثلاث سنوات، في فائض، ولكنها لا تستغل في القروض ذات الكفاءة. –تحديد مستوى الاحتياطي النقدي ب 4 بالمائة قليل جدا من جهته، يعتبر الخبير الاقتصادي، عمر هارون، أن تحديد مستوى الاحتياطي النقدي ب 4% قليل جدا، مشيرا إلى أن البنك المركزي سابقا قد لجأ لهذا الإجراء من أجل رفع مقدار السيولة لدى البنوك العمومية، خاصة من أجل الاستعانة بأموالها في حال احتاجت الحكومة إلى مبالغ مالية من أجل تسديد بعض الفواتير المندرجة ضمن السيولة الداخلة. وقال عمر هارون، في حديث ل "الحوار"، إن التغيير الذي حصل في قانون النقد والقرض حيث أصبحت الحكومة قادرة على تمويل مشاريعها بالأموال المطبوعة من قبل بنك الجزائر، يعني أن الحكومة التي كانت تبحث عن أي مورد لتمويل نفسها أصبحت اليوم مرتاحة لأن التمويل غير التقليدي يغطي كل حاجاتها المالية، وهذا ما جعل بنك الجزائر يعيد رفع مستوى الاحتياطي الإجباري في الحدود التي توصي بها لجنة بازل، لكن هذه النسب تكون فعالة في الاقتصادات المتقدمة والأسواق ذات الكفاءة العالية، أما بالنسبة لسوق كالجزائر يبقى مجرد إجراء لا يسمن ولا يغني من جوع-يضيف ذات المتحدث-. وعن انعكاسات هذه الإجراءات، صرح هارون أن القرار لن يكون له انعكاسات كبيرة على الواقع الاقتصادي الوطني، لأن البنوك العمومية المسيطرة على السوق لم يسبق أن اشتكت من نقص أموال، مضيفا أن مشكل الجهاز البنكي الجزائري هو عدم قدرته على استرداد الأموال الخارجة منه، وهو ما يجعل احتمال هذه السيولة ضعيفة ومتدنية مقارنة بالمتعارف عليه، وهو ما يعني حسبه، أن كل السياسات النقدية التي يتم تطبيقها اليوم في السوق النقدية لن يكون لها أثر يذكر على الوضع العام. وعن التحديات التي تنتظر البنوك لتمويل المشاريع السكنية أو مبادرات شراء منتج بلادي، أفاد هارون أنها فرص لتنشيط السوق المصرفية في الجزائر، مضيفا بالقول: " يرجع هذا بالأساس لأن الجزائر بعيد كثيرا عن ثقافة الاستدانة البنكية لتغطية الاحتياجات، وهي الثقافة التي ستتطور لو تم التسريع في هيكلة وفتح الشبابيك الإسلامية". –الهدف من هذه الإجراءات هو تغطية عجز الميزانية أرجع المختص في الاقتصاد النقدي، عبد الرحمان عية، أسباب رفع بنك الجزائر للاحتياطي الإلزامي من 4 إلى 8 بالمائة، إلى منح البنوك قدرة أكبر على الإقراض، مضيفا أن هدف هذا الأخير هو تغطية عجز الميزانية أي شراء سندات الخزينة العمومية. أما عن الانعكاسات، قال الخبير في الاقتصاد النقدي إن هذا الإجراء ليس له أي آثار، سوى تجنب مشاكل نقص السيولة التي قد تخلف مشاكل عند طلب الزبائن للأموال. وقال عية إن الاحتفاظ بسيولة كمصطلح مطلق ليس جيد، وهو ما يعتبر موارد غير مستغلة اقتصاديا، مضيفا بالقول: "لتجنب الهلع المالي لابد من الاحتفاظ على الأكثر ب 20 بالمائة وعلى الأقل ب 12 بالمائة، أما اقل من 12 بالمائة فهو خطر بالنسبة للاقتصاد لأنه عند الانعدام الكلي للسيولة يحدث الهلع المالي، وبالتالي فقد الثقة بين المتعاملين والبنوك، ما يزيد من قيمة السيولة المتداولة خارج القنوات الرسمية". سمية شبيطة