أنا الآن في صفحة 245 من كتاب: " تحفة الزّائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر" لمحمد بن الأمير عبد القادر، الجزء الأول، دار الوعي، رويبة، الجزائر، عني به الأستاذ داوود بخاري والأستاذ رابح قادري، الطبعة الثانية، 1436 ه – 2015، من 613 صفحة، فكانت هذه القراءة: امتاز الأمير عبد القادر، رحمة الله عليه، ومنذ الاستدمار الفرنسي للجزائر سنة 1830، بجملة من الصّفات النبيلة، وهي: 1. شرع في رفع راية الجهاد ومحاربة الاستدمار الفرنسي وهو شاب ضمن الجيش الذي قاده الأب، أي كان جنديا يحارب الاستدمار، ومنذ اليوم الأوّل من الاحتلال، وهذا قبل أن تعرض عليه الإمارة.
1. كان همّ الأمير عبد القادر محاربة الاستدمار الفرنسي وليس الإمارة، التي لم يطلبها يومها، ولم يسع إليها طيلة حياته.
1. من الأخطاء التي علّمونا إياها في الصغر، أنّ أب الأمير عبد القادر حين عرضت عليه الإمارة رفض لضعفه وكبر سنّه ثمّ منحها لابنه الأمير عبد القادر، وهذا خطأ فادح لا يتناسب مع الفقه والعلم والجهاد الذي ميّز الأسرة يومها. والصواب كما جاء في الكتاب، أنّ أعيان وفقهاء وعلماء وكبار معسكر، هم الذين ظلّوا يتوسّلون إلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامين كاملين لعلّه يقبل بالإمارة، كما جاء في صفحة 184-185 من الكتاب، وهم الذين طلبوا من الأب أن يسمح للابن الأمير عبد القادر بقبول الإمارة، فأذن له بذلك.
1. راسل المجرم المحتل دي ميشيل، مرتين، الأمير عبد القادر، ولم يرد عليه إلاّ في المرّة الثالثة حين طلب منه أن يقيم معاهدة صلح معه، فردّ عليه الأمير عبد القادر، كما جاء في صفحة 209: "ديننا يمنعنا عن طلب الصلح ابتداء"، ما يعني أنّ الأمير عبد القادر لم يكن السّاع إلى إقامة معاهدة مع المحتل الفرنسي، بل السّباق لمحاربة الاستدمار الفرنسي.
1. لا يمكن بحال مقارنة الأمير عبد القادر الذي حارب الفرنسيين منذ الدقيقة الأولى، ورفض في البداية أن يبرم معه معاهدات، وهم الذين سعوا إليها ببايات الجزائر وداي الجزائر الذين باعوا الجزائر في أوّل لحظة وطلبوا الأمان لأنفسهم وعائلاتهم وأموالهم، وفروا من الجزائر تاركين أبناء الجزائر وخزينة الجزائر تحت خيل وبارود المحتل يعبث بالأرواح والأملاك كما يشاء.
1. وجاء في صفحة 201، أنّ الخائن ابن نونة قاتل الأمير عبد القادر، وحين حاصره الأمير فرّ إلى ضريح سيّدنا الغوث أبي مدين رضي الله عنه وأرضاه، وحين توجّه الأمير عبد القادر إلى زيارة الغوث وجد ابن نونة متعلّقا بأستار الضريح لائذا، فأمّنه وعفا عنه وأقرّه على قيادة طائفته، وظلّ الأمير في تلمسان إلى أن جمع كلمة أهلها ثم رجع إلى معسكر. هذه القصّة تعبّر عن حقيقة الأمير عبد القادر الذي يحترم سادتنا أولياء الله الصالحين ويعطي الأمان وهو القوي حينها، لكلّ من يتشبّث بهم ولو كان خائنا كابن نونة الخائن، وفي الوقت نفسه وجب التركيز على أنّ الأمير عبد القادر الصوفي حارب المحتل الفرنسي منذ اللّحظة الأولى، ولم يكن البادئ في طلب المعاهدة، بل المحتل هو الذي سعى إليه، وعبر عدّة رسائل ليبرم معه المعاهدة.
1. جاء في عنوان: "القوانين" 235-243، المتضمنة "القوانين" التي وضعها الأمير عبد القادر لتنظيم الجند، منها ما جاء في البند الرابع: وظيفة الباش كاتب: كتابة أمور الجيش، كالرواتب والأكسية، والديون التي تترتب في ذمة أفراد العسكر، وقراءة القانون وقت الحاجة، ومن وظيفته أيضا أنّه يجمع ما تحته من الكتاب، ويعلّمهم فرائض الغسل والوضوء والتيمم والصلاة والصوم وعقائد التوحيد، كما أنّ كلّ من هؤلاء الكتاب يعلّم المائة التي هو كاتب عليها جميع العبادات والعقائد ويؤذن للصلاة، ويصلي إماما، كما أنّ الباش كاتب يجب عليه أن يعلم الآغا وظائف الدين ويؤمه في الصلاة. وقد أوجب مولانا أن يحترموا هؤلاء الكتاب ورئيسهم، ومن أهان أحدهم، فإنّه يعاقب العقوبة الشّديدة. أقول: هذا هو الأمير عبد القادر، ينظّم الجيش وينظّم له من يعلّمه الصلاة والوضوء والتوحيد، ويحترم أسيادنا أولياء الله الصالحين، رضوان الله عليهم جميعا.