إن تصريحات فرحات مهني رئيس ما يسمى بحركة "الماك" الأخيرة من لندن، حيث دعا من خلالها شباب منطقة القبائل، لتشكيل مليشيات مسلحة من أجل تقرير مصيرها أو كما يَدّعي، لا يمكن السكوت عنها، ولا يمكن إدراجها إلاّ في خانة الخيانة العظمى، ضد الوطن وضد أبناء الوطن الواحد، ضد التاريخ والشهداء. دعوة مثل هذه، ماهي إلاّ نوع من الإبتزاز في وضح النهار، وتحت أنظار وذهول الجميع، لسبب واحد ووحيد، وهو الحمل الثقيل الذي أصبح على كاهل السلطة من جهات خارجية عديدة، مما جعلها أقل قوة، فلا يمر وقتا إلاّ وإزداد هذا العبء، لكن الذي لم يكن منتظرا، هو أن يضاف لهذا الثقل والحِمل خنجرا آخرا من أيادي أبناء الوطن!!.
وفِي الوقت الذي نعيش فيه بداية السقوط، وبداية الكارثة -لا سامح الله- ينشغل الإسلاميون في هذه الأيام، بموائد الإفطار عبر كامل ولايات القطر، فصور تجمعاتهم وموائد الإفطار وما حملته مما طاب ولد من أكل وشرب تشهد عليها "بروفيلاتهم" في مواقع التواصل الإجتماعي، شغلتهم وحدة بطونهم عن وحدة الوطن!!.
إنه الوقت المناسب، ولا أنسب منه، أن نكون يدا واحدة ضد هذا الإنحراف الخطير، الذي إن لم نحسن التدبير والتقدير، سيكون وبالا على الأمة الجزائرية، لأن النافخين في الكِير في مناسبات مثل هذه كثرٌ، وأعداؤنا لا يُعدُّون ولا يُحصون، ولا أَجِد حسب رأيي الأقدر على التعبئة والدعوة إلى الوحدة، وتجاوز هذه المخاطر، وتفويت الفرص على الكائدين والحاقدين من الدور الفعلي للإسلاميين، الإسلاميون أصحاب المنهج الوسطي كما عرفناهم في سنوات الفتنة التي ضربت الجزائر، سنوات العشرية السوداء.
السلطة بدون الإسلاميين ستكون ضعيفة، ستسهل الكارثة، ستمر الخيانة العظمى سهلة مثل شربة ماء، ماء كالحميم، ولهذا، فمهما كان الخلاف، فلابد من الوقوف معاها، لأنه نداء الواجب، نداء الوطن، وهي مبادرة وجب أن يتقدم لها الإسلاميون، أن لا ينتظروا دعوة أحد، هذا خُلق الإسلام ومقاصده، فهل سيكونون مع الوطن، ضد الخيانة العظمى أم أنهم منشغلون ببطونهم، وبإنتصارات وهمية لا توجد إلاّ في عقولهم؟!.