إشتري مني برميل نفط ب 11 دولار وخذ معه 4 براميل مجانا… وفي السياق، أوضح الخبير الطاقوي الدكتور بوزيان مهماه في حديثه ل ” الحوار” أنه ينبغي اعتبار ما حدث امس الأول في أسواق النفط، هو حدثا تاريخيا، غير مسبوق في الصناعة النفطية العالمية، وغير مشهود من ذي قبل بالنسبة لسعر خامات النفط، لأن مع بداية التداول أول أمس الإثنين كان سعر الافتتاحي لخام غرب تكساس الأمريكي الوسيط و الخفيف كان قد بدأ في مستوى 18 دولار، ثم لينزل بدءا منتصف النهار تحت عتبة 10 دولار للبرميل، ثم ليتحول إلى حالة الانصهار الكلي ليتم الإغلاق على سعر سالب أكثر من ناقص37 دولار للبرميل، بمعنى يضيف مهماه أن المضاربين كانوا يناشدون المشترين بدءا من منتصف النهار بعبارة ” إشتري مني برميلا ب 11 دولار وخذ معه أربع براميل مجانيا” لأن فارق القيمة بين السعر الافتتاح والإغلاق هو 55 دولار، واصافا يوم الإثنين بأنه كان جهنميا بالنسبة للمضاربين، كما قال أنه يجب هنا أن نركز على السبب المباشر لما حدث أول أمس، حيث أن المضاربين وسماسرة البورصة ومن يتعاملون ب”البرميل الورقي” وليس بالشحنات المستلمة فعليا هم المتسببون في كارثة الإثنين وحالة الإنصهار الجهنمي للخام الأمريكي.
مزيج الصحاري الجزائري لا يتخلف في قيمته عن البرنت القياسي العالمي بأزيد من 2 دولار فقط.
هذا، ويرى بوزيان مهماه بأن ما وقع أمس الإثنين الأسود كان محدودا جغرافيا ومحدودا بالنسبة لنوعية محددة من خامات النفط ، لأنه شمل أمريكا الشمالية فقط، بمعنى أسواق الولاياتالمتحدةوكندا، وثانيا أنه شمل خامات محددة وتخص أساسا الخام الخفيف الأمريكي، ومزيج النفطي الرملي الكندي، أما بقية الخامات على غرار البرنت القياسي العالمي فهو لم يتأثر بتسونامي الإنصهار، حيث أنه بقي يهتز في نطاق 28 و 26 دولار طيلة يوم الاثنين، وكذلك بالنسبة لخام الجزائر المعروف بمزيج صحاري الجزائري الذي كانت قيمته كمتوسط أعلى من 24فاصل 5 دولار يوم أمس الأول، ولذلك أن ما كان يروج طيلة أسابيع الماضية بأن الخام الجزائري هو في أدنى مستوى له مقارنة مع البرينت وبفارق يتجاوز 10 دولار هي معلومة لا أساس لها من الصحة، لأنها مستقاة من الموقع الأمريكي ” أويل برايز” وهي تقدير لا يستند إلى أية مرجعية، لأن مزيج الصحاري الجزائري لا يتخلف في قيمته عن البرنت القياسي العالمي بأزيد من 2 دولار، كما يرتبط ما وقع يوم الإثنين حسب مهماه محدود زمنيا لأن ما شهدناه أول أمس قد تسبب فيه المضاربون في شكل مباشر كونهم يمتلكون عقودا آجلة لتسليمات نهاية شهر ماي، من شحنات نفطية تم شراؤها ورقيا وليس فيزيائيا طيلة فترة الربع الأول من هذه السنة، من جانفي إلى نهاية مارس، ولذلك وجد هؤلاء السماسرة أنفسهم حسبه أمام حلول ميعاد انتهاء صلاحية هذه العقود مع بدء يوم الثلاثاء، ولذلك ليس أمامهم سوى خيارين إما تصريف ما لديهم من عقود إلى طرف مشتري أخر مهما كان السعر أو القبول بالإستلام الفعلي لهذه الكميات الهائلة من النفط والبحث عن البنى التحتية لتخزينها والإحتفاظ بها، وهو ما سيكلفهم تكاليفا باهظة ستقضي على أرباحهم وهذا في حالة إذا وجدوا خزانات متاحة، لكن أمام حالة التشبع للمخزونات فإن الخطورة بالنسبة لهم عدم تصريف هذه البراميل الورقية لأنهم لا يمكنهم الاحتفاظ بها أو سكبها حتى في البحر خاصة مع القوانين الصارمة والردعية البيئية الأمريكية والعالمية، ولذلك مع منتصف نهار أمس الإثنين دب الهلع في أوساط المضاربين ووقع حالة التدافع للتخلص من مما لديهم من «البراميل الورقية» تحت ضغط الوقت وهو ما أوصل سعر البرميل الامريكي الخفيف الى الانصهار التام كما قال، لذلك هذه الوضعية توقفت مع بدء دورة التداول للعقود الآجلة لشهر جوان مع بداية الافتتاح صبيحة أمس الثلاثاء، حيث جرى الافتتاح للخام الخفيف الأمريكي على سعر 22 دولار.
المجموعة ال 20 عليها تحمل وزر هذه التراجعات هذا وقال الخبير الطاقوي بوزيان مهماه الآن ورغم بداية الدورة الجديدة للعقود الآجلة لشهر جوان فإننا نلاحظ بأن منحى التداول طيلة نهارأمس هو منحى هبوطي سواء بالنسبة لخام غرب تكساس الوسيط وأيضا بالنسبة للبرنت، هذا ما يجعلنا نتخوف من تولد «أثرالدومينو» وبأن يسري الانصهار في كامل أوصال السوق النفطية العالمي، ولعل هذا التخوف يدعونا إلى توجيه رسالة قوية تحمل جرس الانذار لكل الأسرة الدولية وخاصة مجموعة العشرين الكبار لأنهم يتحملون وزر هذه التراجعات نتيجة لتخلفهم على تقديم الدعم اللازم لجهود «أبك+» لأن مجموعة العشرين مطالبة بالإعلان على تخفيضات كمية ورقمية ملزمة لكل المنتجين، سواء الولاياتالمتحدة أو كندا أو النرويج أو البرازيل أو المملكة المتحدة ولذلك أجد أنه من الضروري أن تلتأم «أسرة أوبك» على الخصوص على مستوى اللجنة الاقتصادية لها مع إشراك الأعضاء المستقلين الملتزمين مها في الاتفاق الأخير لتقييم هذا الوضع المنذر بالكارثة المحققة ستعصف باقتصاديات الجميع إذا لم تتحمل كل الدول على مستوى العالم مسؤولياتها في التخفيض والالتزام بهذا التخفيض، وإلا فإن الإنهيار المريع لاقتصاد العالم سيكون حتمية لممارسات المضاربين والسماسرة والرأسمالية الأنانية والمخادعة، التي تقود الإنسانية إلى حتفها.