صناعة الدراما … بقلم: مصطفى بونيف مازال الجمهور الجزائري غاضبا من كل الوجبات الدرامية التي تقدم إليه في موائد التلفزيون، ولم يفهم المنتجون بعد بأن الشعب الجزائري يبحث عن نفسه في تلك الأعمال، فالموضوع أكبر بكثير من الجانب التقني ونوعية الكاميرات، ولكنه موضوع وجداني وعاطفي، لقد افتقدنا إلى تلك الروح المرحة التي كانت تضفيها علينا فرقة بلا حدود من وهران أيام زمان رغم قلة الإمكانيات التقنية، وغالبا ما تكون حلقاتهم قد تم تصويرها بكاميرا اليد.. لكنهم كانوا يلامسون قلوبنا بشكل عجيب يجعلنا نضحك على مآسينا، وغير بعيد عنهم في مجال الفكاهة ..أنا وأبناء جيلي نتذكر فرقة أعصاب وأوتار من قسنطينة التي تمكنت من تقديم كوميديا هادفة طيلة سنوات، ولم نشعر بالملل والقرف الذي نشعر به تجاه ما يقدم لنا الآن رغم توفر كل الوسائل التقنية وهذا ما نلمسه في جودة الصورة، لكنها صورة بلا روح جزائرية. مما جعلني أعود حتى إلى أيام الأبيض والأسود ومسلسل الحريق لمبدعه مصطفى بديع عن رائعة الأديب محمد ديب.. لقد كان عملا مدهشا حتى في الموسيقى التصويرية التي تسافر بالمشاهِد في البيت الكبيرة بيتا بيتا.. وليست كل الدراما الجديدة سيئة، فلقد أحبّ الجزائريون مسلسل عاشور العاشر وذلك لأنّه قدم الروح الجزائرية بخفة دم ورشاقة .. ثم اختفى المخرج جعفر قاسم والفنان المحبوب صالح أوغروت فجأة، تاركين الساحة فارغة للهواة الذين غرقوا في تقليد من لا يشبهنا، أو الإسفاف والتفاهة. إن الاهتمام بالصناعة السينيماتوغرافية أصبح ضرورة ملحّة ليس فقط لإرضاء المشاهد الجزائري، بل لأنها صناعة لديها الأثر الاقتصادي كالصناعة العادية بل وأفضل أحيانا… لا بأس غابت اليوم الحاجة فطوم عن العمود لأنها غاضبة من الرداءة التلفزيونية، وتعدكم بالعودة سريعا. صحة فطوركم مصطفى بونيف