(6)..! تزكية النفوس: حب الدنيا وكراهية الموت بقلم: عطاء الله فوشار روى الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هريرة وثوبان قالا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها”، قيل: يا رسول الله: فمن قلة نحن يومئذ؟ قال: لا، بل أنتم يومئذ كثير،ولكنكم غثاء كغثاء السيل،ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن” فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: “حب الدنيا، وكراهية الموت”. لقد حرص القرآن الكريم على أن يبين لنا حقيقة الدنيا، ويحذرنا من الاغترار فيها، وذلك في آيات كثيرة، قال تعالى: {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} الحديد/ 20. وقال تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب} آل عمران/ 14، وحذرنا القرآن من الاغترار بالدنيا تعالى: {يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} فاطر/ 5، القرآن الكريم يذكر أشياء كثيرة من زينة الحياة الدنيا، ثم يدعونا إلى عدم الوقوف عندها، ويطلب منا تجاوزها إلى ما هو خير وأشمل، وأحسن وأدوم وأثمن وأبقى، فيقول تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} الكهف/46. ويقول تعالى: {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} العنكبوت/ 64، ويحذرنا الرسول الكريم من مفاتن الدنيا، والانشغال بمالها وخيراتها، والتنافس فيها، والغفلة عن الله والآخرة، فيقول عليه الصلاة والسلام في حديث رواه البخاري ومسلم عن عمرو بن عوف الأنصاري: “فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم”، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قيمة الدنيا، وهوانها عند الله تعالى، وإنما تظهر قيمتها إذا جعلت طريقا إلى الآخرة، ومزرعة للأعمال، فقال عليه الصلاة و السلام – فيما رواه الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد الساعدي: “لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء “، وحذر الرسول الكريم المؤمنين من استعباد الدنيا وزينتها لهم، فالمؤمن لا يكون عبدا للدرهم والدينار، يروي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تعس عبد الدينار والدرهم، والقطيفة والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض”، لقد كان ذكر الموت دأب الصالحين، يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» وقد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: “إذا أَمْسَيْتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحْتَ فلا تنتظر المساء”. وقد قال هذه الكلمات تعليقًا على حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» … عطاء الله فوشار يتبع