صاحبة السعادة.. إذا حباك الله بنعمة القبول والحضور فإنك إنسان محظوظ، فخفة الدم والظل تجعلك تقف ضد الألم بالأمل، وبالابتسامة في ظل أحلك الظروف. كثيرون يعتقدون بأن الكتابة الساخرة سهلة وبسيطة، ولكنهم يعجزون عن كتابة أول جملة.. فالمسألة أكبر من كتابة موقف طريف، أو إعادة صياغة نكتة يرددها الشارع..بل إن الكاتب الساخر مطالب بأن يكون جادّا في عمق وصميم ما يكتبه على أن يغلفه بألفاظ وتعابير ضاحكة أو توحي إلى الضحك، والسخرية ليست للإضحاك في مقاصدها، بل هي أسلوب تعبير قد يدفعك إلى البكاء أحيانا. إنك لا تضحك بالضرورة عندما تقرأ للماغوط، بل تجد نفسك قد غرقت في موجة من التأمل وأحيانا الحزن لما آلت إليه إنسانيتنا وآدميتنا، وبقدر ما تضحك بقهقهة عالية وأنت تقرأ نصوص الكاتب عزيز نيسين..سوف تجد نفسك تبحث عن ذاتك ووطنك. إن الكتابة الساخرة ليست حكرا على شخص معين، بل هي مرتبطة بحالة معينة.. حالة عاطفية وإنسانية تجعل من الكاتب جاهزا لتفاعل مختلف مع ما يدور حوله. تستطيع جارتنا المفقودة الحاجة فطوم أن تجعلك تضحك على القمامة الملقاة أسفل العمارة.. رغم أن منظرها مقرف ومقزز، ثم تطلب منك أن تساعدها في تنظيف المكان بدلا من أنك واقف مثل البغل هكذا، سوف تساعدها وأنت تضحك من لفظ “بغل” الذي هو شتيمة..لأن تركيزك كان على الغاية الأولى وهي النظافة. مازلنا نبحث عن الحاجة فطوم.. صانعة البهجة وصاحبة السعادة. مصطفى بونيف