شَبيهٌ بحال الشّاعر المُتنبي عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ مطلع قصيدة لشاعر عاش غُبن الفراق والأحباب وهو يتهيأ للفرار من الحاكم كافور الأخشيدي ، كنا نردده حزناً على حالنا في تسعينات الموت الذي امتزجت فيه المناسبات الدينية بالاغتيالات والعمليات الإرهابية ، وكان الجزائريون حينها بدل التبريك بالعيد يُقدّمون التعازي، كان العيد مصحوباً بأخبار الاغتيالات والحواجز الارهابية التي كانت تقيمها الجماعات المسلّحة تزامناً مع العيد . صحيح لأول مرّة نعيّد بدون صلاة جماعية وعناق الاحباب والتزاور وسيُحرم الموتى من زيارتنا وإن في الأصل تصلهم دعواتنا وصدقاتنا، وربما في تاريخ المسلمين للمرّة الأولى تُعطّل (صلاة العيد) عكس الحج والجمعة التي عرفت تعطيلا في طروف تاريخية، كانت الأوبئة مُفجّرة لخلافات عقدية وفقهية وصحية ومُسقطة لأنظمة سياسية مثل الذي جرى في حالة انهيار السلطة زمن الوطاسيين والسعديين بالمغرب، هذه الجائحة كانت هزة عنيفة في الوعي الديني سنعرف تداعياته لاحقاً. ما يحزّ في النفس حرمان الوالدين من رؤية أبنائهم الأباعد ، وحرمان الأطفال من لعبهم وإظهار ملابسهم والتباهي بها. إننا منذ الحظر نعيش آلاما (ألم فراق الجماعة في الصلاة، ألم الحرمان من عناق الأحباب، ألم الاجتماع بالأحباب، ألم تعطيل الجمعة والتراويح) وسيكون (ألم عيد بدون نسكه وفرحه ومعايدة الأحباب والأهل) بالغاً ومؤثراً، سنكون أمام وجدان مجروح يبحث عن ترميم عواطف قد تزيد في التباعد بمعناه الاعمق ولايبقى في مستوى المجال الاجتماعي، لن تكون الخسارة اقتصادية فقط ولكن سياسية وثقافية ووجدانية، ولن تكون (المعايدة الإلكترونية) بديلا عن (المعايدة الإنسانية) . في هذا العيد الكوروني ندرك أن جوهر العيد ليست مظاهره وسلوك الاستهلاك ولكنه المغفرة والعفو والتسامح وقوة حرارة الوجدان الأخوي الإنساني المُعبر عنه مصافحة وعناقا وتقبيلا. يا أبا الطيب المتنبي عاد العيد في زمننا بحال جديدة لم يكن أحد يتوقعها وفررت أنت من كافور ولقيت حتفك رغم ذلك، ترى كيف سيكون قَدَرُنا نحن وهل نقول (تعيّد وتعاود) أم نقول ندعو الله ان نعيَّد الأضحى وكورنا قد غادرتنا بحول الله؟ بومدين بوزيد