بقلم : محمد قاضي يعتبر الدستور صنعا بشريا لأحكام وقوانين قابل للتحيين والتجديد بما يتوافق مع الصالح العام للبلاد والعباد وتعديله يتماشى مع مستجدات الأوضاع الداخلية وكذا من أجل تطوير الممارسات السياسية بما يتماشى والحاضر من خلال ضبط العلاقة بين مختلف السلطات , كما أن الدستور يعتبر القانون الأول الذي يحمي حقوق المواطنين ويضمن لهم حرياتهم وطرق حمايتها .
يبقى الدستور قابلا للتبديل والتحسين إذ أننا نجد معظم الدساتير تنص على الكيفية التي بموجبها يتم التعديل , كما تعرف الدساتير أنواع عديدة من حيث التعديل إذ نجد ماهو سهل ومرن في العملية لا يحتاج إلا لتمريره على البرلمان للمصادقة عليه ويصبح بعدها قابلا للعمل به ، كما هو الحال في الدساتير السابقة 2016 ، 2008 … ومنها ما يتوجب مشاركة الشعب باستفتاء عام حول التعديلات المضافة ومثال على هذا دستور 2020 ، الذي جاء بعد حراك سلمي حضاري أدهش العالم استطاع أن يقلب الموازين ويسقط العصابات التي كانت تحكم في الجزائر ، دستور الجزائر الجديد جاء استجابة لمطالب الحراك الشعبي .
وبالعودة إلى خطابات السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بخصوص المجتمع المدني فقد أكد في عديد المرات على أن هذا الأخير يعتبر "الحليف الأول" لتحقيق استقامة الدولة, مؤكدا على ضرورة توفير كل الدعم و التسهيلات للمنظمات المدنية و مساعدتها على تنظيم صفوفها ، وجاء في إحدى خطاباته مشيدا بالدور المهم والكبير الذي يلعبه المجتمع المدني "ألح على المجتمع المدني لأنه نزيه وأنا ميال كثيرا للحركة الجمعوية التي تهتم بيوميات المواطنين" .
وعلى هذا جاءت وثيقة دستور 2020 يؤكد ماقاله الرئيس أن المجتمع المدني سلعب دورا هاما في المرحلة المقبلة ، خاصة وأنه أثبت وجوده في الأزمات التي مرت بها الجزائر ، وآخرها كانت الهبة التضامنية الشاملة التي قام بها في ظل جائحة كورونا ، فقد جاء في ديباجة وثيقة التعديل الدستوري "تكريس مبدأ التشاركية بين المجتمع المدني ومؤسسات الدولة " كما كانت المادة 10 التي مؤكدة على " تسعى الدولة إلى تفعيل دور المجتمع المدني للمشاركة في تسيير الشؤون العمومية" ، دليل جاد على أن الدولة ستعمل على إعطاء الفرصة للمجتمع المدني الحقيقي للمساهمة في تسيير شؤون الدولة . كما جاءت وثيقة الدستور مسهلة لعمل الجمعيات والمجتمع المدني خاصة وأنه يسمح بمزاولة النشاط بمجرد التصريح ، ودليل ذلك أنه في الفترة الأخيرة تم اعتماد أكثر من 2600 جمعية .
كما سيلعب المجتمع المدني دورا مهما حسب وثيقة الدستور في مكافحة الفساد ضمن إشراكه في السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته لما جاء في المادة 205 منه .
إن استحداث المرصد الوطني للمجتمع المدني في وثيقة الدستور والذي سيحدد له قانون عضوي لتنظيمه وتسييره يعتبرمكسبا جديدا لفعاليات المجتمع المدني ، التي عانت في السنوات الماضية من الاستعمال السياسي لها وكذا زجها في قضايا خارج مجال تخصصها .
ويبقى في النهاية الرأي الأخير للشعب الجزائري يوم الفاتح من نوفمبر 2020 ليصوت على الوثيقة الكاملة للدستور .