فنان وحده .. . وهب جنونه لملاحقة الضياء .. اتحد مع الالوان حد التغني ..والحلول فيها لحنا ونغما فريدا .. حتى أنه همس لاعماله ذات لوحة : ''لو غنيت فهديلي حزمة من الالوان " .. الالوان حولت مجنونها إلى ألوان .. وماعاد يفرق بينه وبينها .. كانها بملء هوسه .. وكانته بملء عشقها هاته الذات العبقرية غلبت على فان جوخ فاوصلته إلى تحقيق شعبية لم يصلها غيره من الفنانين في سابق ولاحق العصور .. لا احد عرف سر تماهيه مع الالوان حد مزجه دمه بها لتسكنه ويسكنها .. لا أحد عرف لمن اهدى أذنه بدمها . أي حب هذا الذي استحق هكذا هدية .. أية امراة هاته التي هيجت الالوان في دمه ففارت عاطفته، وحاول اسكاتها بقطع اذنه .. .. يتأمل عشقه المجهول .. يقف مبحرا في لوحة '' ليلة ترصعها النجوم فوق الرون '' مشدوها بذاك الاشعاع .. بتلك الحقيقة .. لا أحد لحد الآن استطاع فك لغزها .. هو نفسه ربما لا يعرفها .. لا يعرف لماذا فعل ذلك ..'' ان يكون ما حدث ليس الا نوبة من النوبات التي تصيب الفنان '' ذاك كل ما قاله فان جوخ عن نفسه ..الاكيد أن عاطفته ماكانت كالعاطفة وحبه ماكان كالحب .. كانت احاسيس خاصة به .. عشقه للمرأة وعشقه للالوان شكلا خليط جنونه ومفتاح ابداعاته .. فان جوخ استشعر سحر اللون فراح يوظفه للاستحواذ على قلب حبيبته .. كان عليه ان يحلل ويفهم علاقات الالوان كي يلج الى قلب امراته .. مغازلة الالوان بدأها منذ كان طفلا .. كان يحمل في جيوبه اصابع الطبشور الملون أصفر وأزرق وأحمر ليرسم بها أشياء على الحيطان .. تطورت علاقته بالالوان وملك سرها فجعل يستخدم همسات ألوانه للتواصل مع حبه .. هستيريا الالوان ادخلت فان جوخ في عالم تكدست فيه الوجوه وتداخلت فيه الاشياء، ووسط جلبة المجانين من حوله ومن الممسوسين بسحراللون، اقام مجنون الالوان عرسا راقصا فيه مائة لوحة، تعد اليوم من روائعه الخالدة '' الرسم شفائي '' هذه كانت لازمة ريشته وهو يرسم داخل المصحة العقلية التي بقي فيها ردحا من الزمن .. قادته ذروة جنونه الى منتهى المنطق فخرج بنظرية مذهلة مكنته من القبض على النقطة السحرية للتطابق اللوني / الزمنى هذا الاكتشاف اللوني البديع بقدر ما شنع بعبقرية وجنون لا مثيل لهما لهذا الفنان وجعل من اعماله روائع دوخت محبي الريشة والالوان وبيعت بمبالغ خيالية ..بقدر ما البس فان جوخ حياته الخاصة عتمة لا تظهرشيئا مما يختزنه ويشعر به . من الاعمال الفريدة التي اثث بها اخر ايامه'' حقل قمح تحت سحب رعدية '' 1890 .. كأنما ليعلن بذلك عتمة ما تتربص به .. في انتظاره لتاخذه .. بعد ايام من رسم اللوحة احرقت رصاصة خضرة حياته .. أطلقها بيده على رأسه إثر سكتة لونية ..ربما ..