أجمع المتدخلون في الندوة السياسية التي نظمها حزب جبهة التحرير الوطني حول مرجعيته الفكرية وأصوله التاريخية، على ضرورة تميز هذا الأخير في خطابه ومرجعيته، مقارنة بالعديد من الأحزاب الأخرى التي باتت تقاسمه في مرجعية بيان أول نوفمبر، داعين في الوقت نفسه إلى تجديد خطاب الحزب وتشبيبه عن طريق إعطاء أكثر فرصة للشباب. وقد تم افتتاح هذه الندوة بمقر الأفالان بحيدرة من طرف المكلف بقطاع التكوين السياسي عبد الكريم عبادة في غياب عبد العزيز بلخادم الأمين العام للحزب والموجود بمهمة في الخارج، وقد أكد عبادة في كلمته الافتتاحية على أن الندوة قد جاءت من أجل إعطاء توضيحات أكثر حول معالم المرجعية الفكرية والسياسية للأفالان، في وقت أصبحت العديد من الأحزاب تدعى وتتبنى بيان أول نوفمبر 1954 كمرجعية فكرية لها، مضيفا أن هذه الندوة ستمكن قيادة الحزب من الخروج بنظرة أولية للخروج مستقبلا لتحديد ما هو ثابت وما هو متغير في هوية الحزب وشخصيته. من جهته أكد العربي ولد خليفة عضو الهيئة التنفيذية ورئيس المجلس الأعلى للغة العربية، أن الأفالان مدعو لتجديد خطابه مع إشراك الشباب بشكل أكبر في تسيير شؤونه والتخطيط للمستقبل، مؤكدا في نفس السياق على ضرورة العمل على التجذر أكثر في الأوساط الشعبية وأن لا يقتصر نشاط الجمعيات والمنظمات التابعة له على المطلبية فقط. وأضاف ولد خليفة في مداخلته أنه يتعين أيضا تحيين الثروات الوطنية، والاعتزاز بالانتماء الحضاري والاستفادة من الخبرات والكفاءات الموجودة بالخارج. وأشار إلى ضرورة تعزيز المصالحة الوطنية، مشددا في الوقت نفسه على دور النخب والمجتمع المدني في الحياة التنموية للبلاد . كما دعا ولد خليفة قيادة حزب جبهة التحرير الوطني إلى ضرورة تعميق حضورها في الوسط الاجتماعي، وإلى محاربة التكتلات الجهوية وخلق التجانس، والى محاربة الأمية والتخلف . ولم يتوان الدكتور ولد خليفة في توجيه إنتقادات لكتاب المؤرخ محمد حربي الذي يحمل عنوان ''الأفالان أسطورة واوقع''، مؤكدا أن الأفالان ليس كتلة صماء كما يصوره كتاب حربي، واستشهد ولد خليفة بأنه بالإمكان الإطلاع عليها من خلال النقاشات الجارية على مستوى هياكل الحزب من خلال التدافع بين المناضلين نحو المراكز القيادية. ومن جهته أكد الدكتور أحمد حمدي عضو الهيئة التنفيذية وعميد كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر على أن الخطاب الذي تبناه الحزب العتيد خطاب جامع وليس مفرقا، والذي تستند مرجعيته من التراث الفكري الجزائري الأصيل. وقد صبت مجمل التدخلات الأخرى في خانة ضرورة تميز الأفالان في خطابه وفي مرجعيته الفكرية أيضا، معتبرين أن هذا الأخير ليس محتكرا للوطنية كما يدعي البعض، ولكنه يشكل الأب الروحي للتعدية السياسية في الجزائر على حد تعبيرهم.