جاءت من جنوب افريقيا بصوت مناهض لنظام الفصل العنصري.. ودفعت ثمنا لالتزامها أكثر من ثلاثين عاما في المنفى ولم تعد إلى وطنها إلا بعد الإفراج عن نلسون مانديلا الذي أصبح أول رئيس أسود لجنوب افريقيا.. لم تغن يوما السياسة بل الحقيقة..ميريام ماكيبا اسم أصبح مرادفا للنضال من أجل الحرية في جنوب افريقيا.. سيدة جسدت خلال أكثر من ثلاثة عقود عبر موسيقاها معركة الشعب.. لم تسعدني الظروف التعرف على أم الافارقة كما لقبها بذلك مانديلا في أية مناسبة ثقافية، الا أنني عرفتها من خلال طربها وتصريحاتها ومواقفها الجرئية وآرائها المناهضة لنظام الفصل العنصري ...لطالما تمنيت ان يكثر عدد أمثالها من الفنانين والمثقفين في افريقيا والوطن العربي لتكون الصراحة والشجاعة والموضوعية والطموح نهجنا وسبيلنا الى التخلص من القهر والعنصرية واللحاق بركب التقدم والعولمة وممارسة حريتنا على نطاق واسع بلا قيد أو شرط .. لنتغلب على ما يواجهنا من مصاعب وعثرات .. فنسير معا نحو تعزيز الحضور الثقافي الافريقي في المحافل الدولية لخدمة قضايانا الوطنية التحررية ومضاعفة عطائنا لخير الإنسان والإنسانية ...حقيقة ثانية أود أن أوضحها بصراحة هي أن الثقافة الإفريقية إذا توافرت لها المخططات العلمية المدروسة وتحددت أهدافها بعيدا عن الحساسيات والخلفيات وتوفر لها مناخ الحرية واستقلالية القرار، ونفذ المسؤولون الثقافيون في افريقيا توصيات أهل الاختصاص بقناعة وانفتاح، لحققت الكثير والكثير من التقدم والتطور والإنجازات ولحققت فعلا ما عجزت السياسة عن تحقيقه وأعطت قارتنا السمراء قضاياها الوطنية والقومية الكثير الكثير من الأضواء والتألق..وزادتها قوة واتحاد وعزة وكرامة واحترما... لقد سبقنا العالم في ميادين التكنولوجية والثقافة عشرات السنين وهذا ليس عيبا وإنما ما نؤاخذ عليه أنفسنا أننا لا نستفيد من تقدم من سبقنا ومن خبرته ومكاسبه.. أرجو أن يقدر مسؤولو الثقافة الأفارقة صراحة ووقوة وشجاعة ميريام ماكيبا لنكمل المسيرة التي بدأتها أم الأفارقة.