تحضّر فرنسا هذه الأيام للاحتفال بمن تسميها أسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو، حيث من المنتظر أن تقيم لها معرضا بفندق دي فيل في ال 29 من شهر سبتمبر القادم، يلقي الضوء على حياة السيدة الأسطورية، رمز الأنوثة والرشاقة والجمال والموضة و.. و ... ولا أدري ماذا أيضا، مُحبة الحيوانات، المدافعة عالميا عن حقوق الخنازير، والقطط، والأغنام وكل أنواع الماشية....، المهم أن هناك صخبا عظيما تتناقله هذه الأيام وسائل الإعلام الغربية والمواقع الالكترونية بسبب ما يجري التحضير له في فرنسا لأجل فنانة قررت وفقط، اعتزال التمثيل، لا تزيد شأنا ''في حقيقة الأمر'' ولا أهمية عن أي فنان آخر أو ممثل، كما لا تختلف في شيء عن أية امرأة أخرى على وجه المعمورة، سوى بتجاوزها حدود ''الاحتشام'' بخطوات عريضة.. لأنها كما تقول ''حرة'' في ذلك. الحديث عن بريجيت باردو وتحضيرات الاحتفال بها وتخليدها في فرنسا، يجرني للحديث عما أدلى به الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي منذ أسابيع أمام مجلسي البرلمان في فرساي عن البرقع أو النقاب الذي يغطي المرأة، بوصفه علامة استعباد للمرأة، وأن ارتداءه غير مرحب به في فرنسا، وبأنه ليس رمزا دينيا وبوصفه المرأة المرتدية لهذا النوع من اللباس بالسجينة خلف سياج والمعزولة عن الحياة الاجتماعية والمحرومة من الكرامة، الحقيقة أن كلام ساركوزي ما كان ليمر مرور الكرام، كون المسألة تعد من بين المسائل التي ينظر لها كل فرد من زاوية معينة تمليها عليه ثقافته وتربيته وتكوينه وعلمه وطريقة تفكيره وانتمائه السياسي وأفكاره التي يؤمن بها. وقد يقول قائل إنه من حق أي دولة أن تفرض على قاصديها نوع الرداء الذي يجب ارتداؤه، فهو حق شرعي، ومسألة عدم ترحيب فرنسا بارتداء النساء لباسا معينا سواء كان برقعا أو لباسا آخر يغطي المرأة. طبيعي ولا نقاش فيه،...غير أن نقطة الخلاف مع ساركوزي في خصوص تصريحه ''المثير'' فهي تكمن في التناقض بين ما تدعو إليه العلمانية من حريات شخصية وبين فرض رأي وفكر وتوجه معين على الآخرين، حيث ارتداء الحجاب أو النقاب أو البرقع أو أي لباس ساتر أو فاضح ينبغي أن يكون صادرا عن قناعة المرأة وليس فرضا عليها أو معبرا عن قناعات الآخرين، فمثلما اختارت باردو العري، اختارت غيرها البرقع ... المهم أن يكون ما تلبسه المرأة هو ما اختارته لنفسها بنفسها وعن قناعة منها والسبب في هذا بسيط ، وهو باختصار ''حقها''، أم أن فرنسا تناست أن شعارها ''حرية، أخوة، مساواة''.