تناولت مجلة الجيش في عددها الصادر شهر أوت الجاري ملف التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، مؤكدة أن ما خلفته تلك التجارب من آثار سلبية هي ''جريمة تأبي النسيان''. وأكدت المجلة في عمودها أنه لا يمكن لدولة ساركوزي أن تتهرب من مسؤولياتها في ما تركته تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية من آثار سلبية، مشيرة إلى أن ذكرى تفجيرات هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين النووية التي تم إحياؤها في السادس من أوت الجاري تذكرنا بالتجارب التي أجرتها القوى الاستعمارية في البلدان المستعمرة ومنها الجزائر، حيث تعاملت تلك القوى وفق منطق التمييز بين السكان على أساس العرق والدين، ومبينة أن الجزائر لا تزال بعد 47 سنة من نيلها حريتها تعاني من الآثار الناجمة عن التجارب واستخدام أسلحة الدمار الشامل على ترابها من طرف فرنسا باعتبارها المسؤول الأول عن ماضيها الاستعماري''. وقالت المجلة إن المسؤولية التاريخية لفرنسا لا يمكن التهرب منها، لأن التاريخ يبقى شاهدا على ذلك، خاصة وأن حقيقة تلك الجريمة قد تم دعمها اليوم بشهادات حية من الوسط الفرنسي، عارضة في الإطار ذاته دراسة تتناول الجرائم الاستعمارية بالجزائر، التي نفذت بواسطة الأسلحة الكيماوية، ابتداء من الأيام الأولى للاحتلال حينما تم قصف مدينة الجزائر في شهر جويلية 1830 بطن من مسحوق كيماوي لدفعها إلى الاستسلام، والى غاية حرب التحرير المظفرة. وعرجت الدراسة على بعض المجازر التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية، منها إبادة قبيلة بني صبيح وقتل أفرادها حرقا بالدخان والنار في العام ,1844 واستعمال قذائف معبأة بمادة الكلوفوروم ضد سكان الأغواط في العام ,1852 مشيرة في هذا الشأن إلى البرنامج الفرنسي للتجارب الكيماوية والبيولوجية بالصحراء الجزائرية، الذي استخدم ضد المواطنين العزل في أكثر من مرة، كرش سكان مدينة البليدة الفارين نحو الجبال بالغازات السامة عام ,1950 وكذا حشد سكان من مدينة يسر في براميل للخمر سنة ,1957 ليرشوا بعدها بغازات مسيلة للدموع، جعلتهم يموتون اختناقا. وبينت الدراسة أن أكثر من مائة شخص من بينهم نساء وأطفال بمنطقة قسنطينة قد قتلوا بواسطة الغازات السامة في العام ,1959 مسلطة في الموضوع ذاته الضوء على استخدام النابالم من قبل فرنسا خلال حرب التحرير، بغرض الإبادة الجماعية، الأمر الذي خلف آلاف الضحايا من قتلى ومحروقين، إضافة إلى حرق للغابات وإخلال بالتوازن البيئي، ومبرزة أن الفرنسيين كانوا ''يفتخرون'' باستخدامهم النابالم ويقولون ''لقد فعلنا في الجزائر، نفس الشيء الذي فعله الأمريكيون بعدنا في فيتنام''، ومشددة على التأكيد أن ''هذه بعض أمجاد الاستعمار الذي يدعي حمل رسالة التمدن والتحضر''. وحرصت المجلة على التوضيح أن ما تعرض إليه الجزائريون من جرائم جراء هذه التجارب، جعلها تتمسك أكثر بالدفاع عن مبدأ حظر استخدام أسلحة الدمار الشامل، مشيدة في ذلك بنجاح مساعي الجزائر في إعادة تفعيل مؤتمر نزع السلاح، خلال اجتماع عقد بجنيف السويسرية، والذي تم الموافقة فيه على مقترح الوفد الجزائري الذي ترأسه وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي الجزائري، كما طالبت المجلة بضرورة تطبيق القانون الدولي والابتعاد عن سياسة الكيل بمكيالين، كون أن عدم انتهاج سياسة دولية عادلة سيؤدي إلى الزج ''بالعالم كله في تصعيد عسكري'' تكون نتائجه وخيمة.