لأول مرة يصدر باللغة الفرنسية قاموس كامل عن القرآن الكريم، وهو يشكل حدثا فكريا مهما لا يستهان به على الإطلاق، وقد حيّاه العديد من الباحثين والمختصين لحظة صدوره واعتبروه مكسبا للدراسات العربية والإسلامية. وساهم فيه القاموس ما لا يقل عن سبعة وعشرين باحثا مسلما وأجنبيا. يقف في طليعتهم المفكر الجزائري الشهير محمد أركون الذي ساهم بخمس مقالات في القاموس العتيد. يشار إلى أن المفكر الجزائري وأستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة السوربون محمد أركون، يعد صاحب مدرسة فكرية متفردة وصاحب مشروع فكري نقدي تنويري يرتكز على ''العقل المنبعث'' العلمي لتجديد الفكر العربي الإسلامي وقراءة التراث قراءة واعية تبعد عن الدغمائية و''الجهل المؤسس'' والايديولوجيا ولغة الشعارات الرنانة، وتقترب من استنباط الأحكام والمفاهيم الكلية والاجتهاد وتطبيق مناهج العلوم الإنسانية الحديثة وآخر النظريات المكتشفة في الغرب لدراسة الظاهرة القرآنية، كما يسميها هو. وهو يؤمن بضرورة عدم الفصل بين الحضارات، شرقية وغربية، واحتكار الإسقاطات على إحداهما دون الأخرى، بل إمكانية فهم الحضارات دون النظر إليها على أنها شكل غريب عن الأخرى. لذلك كان دائما ينادي بوحدة الإنسان و''بأنسنة'' المعرفة بعيدا عن كافة التعصبات المذهبية والعرقية والأيديولوجية، وهو من أوائل المفكرين الذين نادوا بمشروع المتوسط ونظّروا له. ويتميز المسار البحثي العلمي للدكتور محمد أركون بالثراء والتنوع، ورغم أنه يكتب باللغة الفرنسية والانجليزية إلا أن كتبه قد ترجمت إلى أغلب لغات العالم والتي من بينها العربية، وإلى جانب اركون الذي ساهم في صدور هذا الكتاب نجد الدكتور محيي الدين يحيى الأستاذ في دار الحديث الحسنية بالرباط. هذا بالإضافة إلى الدكتور محمد علي أمير معزي الأستاذ في جامعة باريس والمشرف العام على القاموس، والدكتور محمد حسين بنخيرة الأستاذ في جامعة باريس أيضا. وهناك العديد من الباحثين الفرنسيين والأجانب المختصين بالدراسات العربية والإسلامية. ويحتوي القاموس، بحسب جريدة ''الشرق الأوسط''، على أكثر من خمسمائة مادة تشمل معظم الموضوعات الأساسية الوارد ذكرها في القرآن الكريم أو التي تدور حوله.