لعل الوقت كان يزاحمني ومشاغل الحياة كانت تتراكم قبالتي، وأفكار كأمواج البحر تتلاطم داخل رأسي، ولكن فكرة الكتابة عن أحد الروائيين العالميين وإن كان مجهولا وليس لديه مدونات قصصية غير التى كان يرويها لسكان القرية رجالها وأطفالها ونسائها، جعلت الطاهر بن أحمد شخصية هوليوديه بسيجاره المنزوع العقب، وثيابه الكلاسيكية؛ صدريه على قميص مخطط وسروال ذي حملات ورأس تعج بالأفكار والقصص. لا يمكنني أن أنسى تلك المجالس العامرة، بأعيان القرية وأطفالها ودراويشها مجتمعين حوله فيما هو يسترسل بلا تعتعة أو تلكأ في نسج أفكار قصصه البوليسية، والاجتماعية بطريقة لا نظير لها من الإحكام، مما يجعل الجميع فاغري الأفواه جاحظي الأعين تركيزا وتتبعا، ويشعرك بأن القصة موجهة إليك أنت دون الجميع، وبنفس القدرة يجعل كل واحد هو الشخصية المحورية ناهيك على أن له قدرة على أن يريك القصة عبر كلمات بسيطة جدا، وحينما ينتهي تحس بأنك بحاجة أن تعتنقه بحرارة من فرط الانبهار، أو يجعلك تشعر بتأثر شديد، ولكنه في أغلب قصصه الواقعية والمستوحاة دائما من سفرياته كل صيف إلى إيطاليا وفرنسا، يركز على القصص البوليسي حيث النهايات تكون دائما كلاسيكية، ومع هذا تحس إحساسا لا ريب فيه أن بجعبته أن يكون عميقا في قصصه ولعله كان يريد الاحتفاظ بعدد وافر من متابعيه ومريديه بدلا من أن يكون حكرا لفئة نادرة من المتأملين والمتفكرين. الروائي الشعبي الطاهر بن أحمد هو روائي عالمي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، والغريب أنه لم يكن يظهر عليه أنه يدرك قيمته الحقيقية، وكأنه كان يقوم بشيء عادى، وهو سرد مئات القصص المشوقة والبوليسية والاجتماعية وحتى الغرامية التى تدور في أشهر المدن الأوربية، باريس، روما، مرسيليا، ميلانو، وعدة أمكنة بين فرنسا وايطاليا. ويعتبر الطاهر بن أحمد أحد الأصوات التي نشأت عليها وعلمتني كما الكثيرين ممن تعلموا فن القص، ونسج عدة كلمات حول فكرة بسيطة وهى أن تمارس حياتك سعيدا وتنظر للعالم من كوة عملاقة.