أعادت فعاليات المهرجان الدولي الثالث للمألوف الملتئم بداية أكتوبر بقسنطينة طرح إشكالية مستقبل الموسيقى العربية الأندلسية بقوة لم تشهدها من قبل أثناء التظاهرات العديدة السابقة التي خصصت لهذا التراث الثري. وبرزت مسألة الحفاظ على هذه الموسيقى وضمان تواصلها الأزلي وتعليمها ونقلها وتوزيعها كانشغال رئيسي وذي أولوية لدى الموسيقيين والباحثين في الموسيقى وكذا جميع محبي الفن من هواة هذه الموسيقى الأصيلة، سواء أكان ذلك خلال العروض المقدمة ضمن فعاليات المهرجان أو لدى المناقشات الثرية التي ميزت الندوات والمحاضرات واللقاءات الدراسية. وحددت الندوة الصحفية الأولى -التي سبقت انطلاقة المهرجان بمشاركة العديد من الفنانين على غرار المطربة اللبنانية غادة شبير والمغربي عمر المتيوي وغيرهما - منذ البداية معالم وإطار الحوار الهام الذي تواصل على مدى 7 أيام بحضور الكثير من الموسيقيين والباحثين من ذوي الصيت، ما منح طابعا ''أكثر فكري'' لهذا اللقاء ذي القيمة الفنية العالية. وإلى جانب غادة شبير وعبد المالك مرواني من قسنطينة وعمر المتيوي كان لحضور الفنان التركي خليل كارادومان والتونسية صونيا مبارك وقدرى دلال من سوريا وعبد الله السباعي من ليبيا وآخرين شرف دمج النظرية في البحث والاستكشاف بالجانب العملي لهذا التراث، ما مكن من تقديم آراء ووجهات نظر وخبرات حول مختلف الجوانب ولاسيما منها تلك التي ارتبطت بمستقبل ومآل هذا التراث الفني الزاخر. وأكد الباحثون (غادة شبير وعمر متيوي وعبد الملك مرواني) بالمناسبة أهمية السهر والحفاظ على التقليد سواء في ميدان النقل أو الآلات الموسيقية المستعملة. أما خلال الجزء الثاني من المهرجان والمتسم بمرور أستاذ آلة القانون التركي خليل كارادومان والفنانة التونسية صونيا مبارك، فإن الاتجاه كان أكثر تأكيدا على جانب الحداثة كما كان ذلك واضحا في عرض الفنانة التونسية التي أقحمت بالمناسبة آلة ''البيانو'' كتعبير عن ضرورة تفتح هذه الموسيقى التليدة على الحاضر الذي تعيش فيه.