الحديث عن واقع الرعاية الصحية وارتفاع عدد المصابين بالأمراض المزمنة وعلى رأسها داء التهاب الكبد الفيروسي والسيدا حفظنا الله في الجزائر باتت خطيرة ومخيفة، هذا دون أن نتحدث عن جائحة العصر داء '' أنفلونزا الخنازير'' الذي أرعب العالم بأسره.... وهدد حتى بتعليق أداء فريضة الحج لهذا الموسم... فما فتئت مؤشرات تزايد المصابين والمرضى في الارتفاع، على الرغم من الإجراءات الوقائية الشديدة التي تحاول جميع مؤسسات الصحة الجوارية والرسمية بما في ذلك وزارة الصحة، فرضها على المواطنين، فكم من مؤتمرات أقيمت لأجل التعريف بداء السيدا أو التهاب الكبد الفيروسي أو حتى داء السكري وأمراض الضغط الدموي وغيرها، وكم من إعلانات ومطويات ومنشورات وزعتها وزارة الصحة ورصدت لها أموالا ضخمة وميزانيات معتبرة لوقاية المواطنين من الإصابة بها.... لكن أن يكشف التقرير الأخير للمعهد الوطني للصحة العمومية أن نصف عيادات الأسنان في الجزائر لا تعمل وفق الشروط والمقاييس العالمية، لأمر في غاية الخطورة، فصحة ملايين الجزائريين مهددة بعدوى انتشار ''أمراض خبيثة وخطيرة'' قد تقلب حياتهم وتخلط مشاريعهم، فتجبرهم على مقاطعة مشاغلهم لمتابعة صحتهم، فيصح في المصاب لا قدر الله أن يقال '' شريت الهم بالدرهم..''، وهو المثل الشعبي الذي يليق استعماله على ''من يجري وراء المتاعب''، كيف لا وقد تحول السعي وراء تجميل الأسنان وتصفيفها وتبييضها بهدف إضفاء تلك اللمسة الجمالية على الوجه، إلى سبب مباشر للإصابة بمرض خبيث، يتطلب رعاية خاصة، ومصاريف خاصة، واهتمام خاص، ووقت خاص، و...و...و كما أنه يرهق لا محالة ميزانية وزارة الصحة في الوقوف عند انشغالات المصابين.... ولقد وقعت نتائج التقرير الأخير، كالخبر الصاعقة على الجزائريين، الذين تعودوا أن يضعوا كامل ثقتهم في طبيب الأسنان، كونه المنقذ من الآلام، ومهدئ الأوجاع، فكيف بنا أن نستفيق على حقيقة أن نصف عيادات الأسنان في الوطن قد تحولت إلى خطر حقيقي محدق بصحة الجميع، فمن منا لم يزر عيادة أسنان، إن لم يكن لأجل التخفيف عن آلامه، فلأجل تقويم أسنانه وتجميلها، والتي أصبحت حسب نفس التقرير تفوق في خطورتها ما تفرزه العلاقات الجنسية غير المحمية والحقن المستعملة كسبب مباشر ورئيسي في نقل داء التهاب الكبد الفيروسي، والسيدا. الوزارة وكرد فعل متوقع توعدت بالضرب يبد من حديد، عيادات الأسنان التي تثبت نتائج التحقيق على مستواها أنها تخالف القوانين، وهو ما كان منتظرا فعلا من الجهة الوصية، بل استوجب اليوم قبل أي وقت مضى، أن يوضع حدا نهائيا، لكل من تسول له نفسه إلحاق الضرر بالمواطنين مع سبق الإصرار والترصد.