أراد علي حرب أن يخرج عن التقليد فاختار هذه المرة الابتعاد عن الفلسفة فكتب عن الحب بحلاوته ومرارته مبحرا في كتابه الجديد الصادر عن دار العربية للعلوم (ناشرون) ومنشورات الاختلاف الذي عنونه ''الحبّ والفناء'' في أعماق العشاق لينقل لنا تجربة من تجارب الوجود، لها أن تغيّر حياة صاحبها، و''اختلاسه فردوسيّة عجيبة تختزل كيان العاشق بكلّيّته''... يفتح علي حرب في هذا الكتاب باب الحبّ واسعًا، ويقرأ الإنسان، ولاسيّما المرأة، في مرآة القلب والعقل، الحب والافناء، المرأة السّكينة العداوة، معلنًا أنّ الحبّ يحمل في طيّاته النّعيم والجحيم، وأنّ العاشق الخبير يحسن الإبحار الصعب في مراكبه، فيعطيه ما أمكن من الحركة والتجدّد ليتفوَّق نسيم نعيمه العليل على نيران جحيمه. الحب ظاهرة إنسانية عظيمة وهي متأصلة في النفوس الإنسانية وقد اختلف البشر على أنواعهم عامة وخاصة في ماهية الحب وتعريفه التعريف الأسمى إذ انه يمثل حالة خاصة من حالات النفس الإنسانية. وقد توقف حرب عند هذه الظاهرة الإنسانية الراقية. وفي ماهيتها يحدثنا حرب في كتابه ''الحبّ والفناء'' فيقول ''الحبّ هو كينونة الإنسان، وتجربة من تجارب الوجود، لها أن تغيّر حياة صاحبها، وبالحبّ يُستعبد المحبّ الاستعباد الجميل الذي لا يفقده الشعور بالحرّية كاملة، ويصل الشعور بالسعادة إلى النشوة حين يعرف من يحِب أنه محبوب أيضًا، ولا عجب إن قاس المحبّون أعمارهم بأوقات حبّهم''. أمّا الفناء، فهو بنظر حرب، أداة مفهوميّة خصبة في الخطاب العربي الكلاسيكيّ عن الحبّ، وتحديدًا خطاب أهل التصوّف الذين وجدوا الفناء آخر مقامات المحبّة وغاية العشّاق التي ما بعدها غاية، وقال هيغل: «بالحبّ وحده يتّحد الإنسان بالموضوع»، لتصير الذاتان ذاتًا واحدة. «الحبّ والفناء» كتاب يحرّض على العشق، وفيه ما يشبه الدليل لكلّ عاشق، ولا شكّ في أنّ المفكّر والأديب علي حرب كتبه بما أوتي من عقل عارف وقلب طاعن في الحبّ حتّى الفناء.