امرأة مثلي .. وحدها الكلمات تسبح في دورتها الدموية ..وحده القلم يشغل أصابعها .. وحده النص يراود شغفها .. ولكن ما حدث هذه الأيام .. غيرني في لمحة بصر.. أنا التي بينها وبين كرة القدم ملايين السنوات الضوئية .. أنا التي لا أعرف إسم لاعب واحد .. ولم أشاهد في حياتي مباراة كرة قدم من الأول إلى الآخر .. ولا تعني لي شيئا تلك الكرة وتلك الملاعب .. باختصار هي شيء خارج اهتماماتي تماما ..وفجأة وجدت نفسي وبلا سابق تحضير ولا تدريب غطست بكامل روحي وعقلي وكياني وجوارحي وأحلامي وآمالي في حالة كروية بكامل تفاصيلها ومعطياتها ..وككل أبناء وطني لفتني اللحظة الجزائرية بكل ما أوتيت من قوة وطنية وعنف انتماء ..تلبستني مشاعر ما كنت أحسب أنها بمثل ذاك العنفوان وذاك الإباء .. وأصبحت الكرة مع فريق الخضر رمزا لوطني وكرامتي وسيادتي .. شيء ما انفجر في الجزائريين شيء حسبه من لا يعرف الجزائريين جيدا اضمحل وراح في حال سبيله ,وتأتي الكرة الجزائرية لتعلن للعالم كله أن عشق الجزائري لوطنه ظل على أسطوريته وحبه لوطنه على تأججه .. هذا الحدث الكبير بأبعاده الوطنية ورمزيته الحضارية والتاريخية كشف للعالم اجمع مدى تعلق الجزائري بجزائريته ومدى هوسه بألوان علمه .. مباراة الجزائر مع مصر .. لم تكن مباراة رياضية بقدر ما كانت فرصة وليرى العرب ولترى الكرة من هي الجزائر .. ومنهم الجزائريون .. عرفتهم ماذا تعني الجزائر للجزائريين وماذا يعني الجزائري للجزائري ..طبعا قد يقول القائل هذه ليست إلا مباراة ولعبة كرة.. لا احد ينكر ذلك لكتها فعلت فعلا آخر في وجدان الجزائريين والفرحة لم تكن فرحة تأهل لكاس العالم بقدر ما كانت فرحة وفخر كل فرد من أبناء الجزائر.. فرحته بانتمائه وسيادته وكرامته ، رفعت رأسه وأبكت كل من كان يريد لها أن ينزاح وينكمش في المشهد العربي ويكتفي بوجود باهت ومضمحل على الخريطة العربية ..ما لنا من مزايا وثراء طبيعي وأخلاقي وإنساني .. وما لنا من تاريخ ومن عراقة خصال وأمجاد كل ذلك وأكثر لابد إلا أن يثير الحسد والضغينة والغل ضدنا .. نحن شعب أبدع منذ الأزل في ابتكار جماليات أخرى للكرم الأخلاقي والإنساني والنضالي ولازال .. يغضب بصدق ويفرح بصدق .. كلامه قليل وخيره كثير .. صحيح أن الجزائري معروف بسخونة دمه لكنه نبيل وشهم وكريم مع الأخر .. ولا يحتمل المساس بكرامته وسيادة وطنه .. وليعرف الجميع أن الجزائري وطني مفرط في وطنيته مهووس بجزائريته ولا يمكنه إلا أن يتصرف إلا على هذا الأساس ..