على عكس بعض المصادر الإعلامية التي ذهبت إلى انتقاد وزير الخارجية مراد مدلسي من خلال التصريحات الأخيرة التي أ دلى بها إلى صحيفة أجنبية والتي فهم منها ''انهزامية'' الخطاب الدبلوماسي الجزائري غداة قوله أن ''الجزائر ترغب في طي الصفحة مع مصر'' ، وهذا بعد التساؤلات التي لفت مخيلات الشعب الجزائر الذي لم يستسغ هذه الدبلوماسية بسهولة كونه غير عارف بخفايا الدبلوماسية الجزائرية، لكن ما يجب معرفته قبل اتخاذ أحكام وردود أفعال بخصوص تصريحات الوزير مدرلسي وزير، أولا معرفة الأمور على حقيقتها، فتمثيل الدبلوماسية الجزائرية لا يكون إلا من وزارة الخارجية أو من الرئاسة الجزائرية سواء كان عن طريق بيان رسمي أو عن طريق رئيس الجمهورية شخصيا , ومعادا ذلك حسب الأعراف فكل تصريح من أي مسؤول مهما بلغت درجته لا يعبر عن الدبلوماسية الجزائرية إلا إذا خول شخصيا من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. يجمع العارفون بكواليس الدبلوماسية في الجزائر أن الانتقادات التي لقيتها تصريحات مدلسي في الحقيقة لا أساس لها، لاسيما إذا علم أن الصحيفة المعنية قد بترت أجزاء من تصريحات ممثل الدبلوماسية الجزائرية مراد مدلسي بما يخدم طرفا ما بعيدا عن كل أشكال المهنية. كما أن كلام مدلسي جاء بعد أيام قليلة من تصريحات نظيره أبو الغيط والذي لين اللهجة اتجاه الجزائر. أما محللون سياسيون في هذا الشأن فقد أبرزوا أن تعامل وزير الخارجية مدلسي مع الأحداث بمنطق أنه إذا كان المصريون قد أشعلوا النار في طرف سجادة العلاقات بيننا وبينهم.. ولكننا أردنا محاصرة النار في رقعة صغيرة ونمنع امتدادها لا يجب أن نسكب عليها البنزين وزيادتها اشتعالا، لأن التاريخ يسجل كل كبيرة وصغيرة في هذا الشأن، وستسجل تصريحات مدلسي في خانة العقلاء الذين يريدون احتواء الأزمة بين الجزائر ومصر وليس زيادتها، وكما يقال المثل ''عدو عاقل خير من صديق جاهل''، فلو كان الرد الجزائري على نفس النمط من السب والشتم والتجريح لما كانت هذه هي الجزائر التي لم تمس شعب بل حتى سلطة فرنسا في كرامتها ولا في رموزها رغم ما فعلته فينا منذ أزيد من 130 سنة كانت كلها تعذيب، تعدي، قتل، شتم وسب، فمدلسي انتهج نهج الأسلاف ولم ينتهج نهج الفراعنة في هذا الأمر. أما تصريحات أحمد أويحيى الوزير الأول في الحكومة نهاية الأسبوع الماضي فكانت قوية خاصة عندما أرجعها إلى التاريخ الذي لا ينسى شيئا، وبانت حنكته السياسية الكبيرة المعهودة لدى الرجل لما تساءل عن دور الأشقاء أيام كانت الجزائر تنزف دما، خاصة وأنهم يؤكدون، أي المصريين، أن العلم الجزائري من صنع مصر في إشارة إلى المساعدات المصرية إبان حرب التحرير الكبرى.وكان هذا الرد كافيا حسب نفس المصادر التي ترجح التراجع الكبير حتى وان بدأ منذ أيام قليلة من قبل المسئولين المصريين الذين فقدوا الكثير من ''الهيبة'' حسب ما تتانقله وسائل الإعلام الدولية خاصة بعد انحطاط التصريحات إلى مستويات دنيا وصفت فيه الشعب الجزائري بأبشع النعوت.