التطرف والتشدد - من أي جماعة أو فئة يشكل خطرا حقيقيا على الإنسان والأديان وعلى الديمقراطية والتعددية، وهما سبب لتنامي الكراهية والعداء بين شعوب العالم، والمخيف للأسف الشديد، هو ما حدث مؤخرا من استفزازات مصرية تجاه الشعب الجزائري، والجالية الجزائرية هناك، في تصعيد خطير للوضع، على الرغم من أننا من أمة واحدة، ودين واحد ، الأمر الذي تركنا نفكر ألف مرة في حقيقة العلاقة بين الشعبين. ما يشهده العالم حاليا من صراعات دليل على استفحال حجم التطرف والعداء المتبادل بسبب الفعل وردة الفعل، وتراجع روح التسامح والتعايش..، وآخر فصول نمو التطرف، النكسة العظيمة التي تعرضت لها الديمقراطية والتعددية والحرية وحقوق الإنسان في الدول العريقة الأوروبية، التي تمثل نموذجا يحتذى به في تطبيق الديمقراطية على مستوى العالم. وما حدث في سويسرا هو مكسب باهر للمتطرفين اليمنيين المتشددين في الغرب ونكسة للديمقراطية والتعددية، وصفعة للنموذج السويسري المحايد، وقد أظهر الاستفتاء مدى ضيق من يتشدقون بممارسة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والتسامح والتعايش مع الآخر المختلف في الدين والعرق والثقافة، على الرغم من أننا قرأنا بالأمس فقط، أن آخر استطلاع للرأي أظهر أن أكثر من نصف الفرنسيين يرون أن الدين الإسلامي يتلاءم مع المجتمع مما يذكي جدالا عاما بشأن الدين والهوية، وأن وفرنسا هي موطن أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، خاصة من شعوب المغرب العربي، كما يهيمن فيها دور الإسلام بشكل متزايد على مناقشات صعبة بشأن الهوية الوطنية أطلقها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حيث عكست نتيجة الاستطلاع انقسام الآراء، كما أن 54 بالمائة فقط من الفرنسيين يرون أن الإسلام لا يشكل أي تهديد لقيمهم غير أنه كشف عن تباين واضح بين الأجيال إذ ينفتح عدد أكبر من الشبان الفرنسيين على الإسلام عن من هم أكبر منهم سنا. إلا أن ما حدث في سويسرا أظهر كما لو أن الشعوب الأوروبية أصبحت رهينة للمتشددين الذين أصبحوا يشكلون تهديدا للديمقراطية الغربية وللتسامح والحرية والتعايش وللوحدة الوطنية، فمن الغريب أن سويسرا المعروفة بالتسامح والتصالح والحياد والديمقراطية في العالم، لم تحتمل وجود أربع مآذن فقط تدل على وجود ''مساجد'' للعبادة للمواطنين السويسريين المسلمين، الذين يمثلون ثاني أكبر ديانة في البلاد إذ أن نسبة المسلمين في البلد نحو 5 بالمائة من تعداد السكان، وعلى الرغم من كل هذا، فإن كل ما يمكن أن يأتينا من الشعوب الغربية، يهون أمام ما قد يحصل لنا من إخواننا وأشقائنا.