طغت في الآونة الأخيرة على الأسواق الجزائرية ظاهرة الدمى العارضة وبالضبط على واجهة ومداخل المحلات، بحيث يستغلها التجار كواجهة لسلعهم حتى فيما يخص الملابس الداخلية. لقد احتلت الدمية العارضة مكانة مهمة في العديد من المحلات والأسواق الجزائرية على غرار المجتمعات العربية الأخرى بفعل الغزو الثقافي، غير أن لجوء بعض الباعة إلى استخدام هذه الأخيرة في عرض بعض الألبسة الداخلية النسائية على وجه الخصوص، وعلى مرأى المارة لاقى استهجانا من بعض المواطنين في حين هناك من فضل استخدام هذه العارضات بعرض الملابس فقط. وبين مؤيد ومعارض جابت ''الحوار'' بعض الأسواق والمحلات الجزائرية لمعرفة رأي المواطنين والعارضين حول الموضوع. مظاهر تعرية الدمى تسيء إلى الناظر في جولة قادتنا إلى شارع ''حسيبة بن بوعلي'' أين تكثر المحلات وتكثر حركة المواطنين اقتربنا من ''آسيا'' 24 سنة وسألناها عن رأيها حول لجوء الباعة إلى عرض مختلف الألبسة خاصة الداخلية منها على العارضات وفي واجهة المحلات فأجابت: ''لقد باتت هذه الظاهرة منتشرة وبكثرة في العديد من المحلات والأسواق فعند دخولها لأول مرة كانت تستعمل لغرض عرض الملابس المحتشمة كالجيب والسراويل والقمصان وغيرها، وقد لاقى استحسانا كبيرا لأنها تلفت الانتباه، فالقوام الرشيق للعارضة يجلب الانتباه ويثير رغبة المشتري في اقتناء الثوب، لكن في الآونة الأخيرة لاحظنا لجوء بعض الباعة إلى عرض الألبسة الداخلية النسائية وهذا الشيء الذي لا أحبذه باعتباري امرأة ومواطنة عربية مسلمة، فأجده يخدش الحياء ويمس من كرامة المرأة. أما ''فضيلة'' 38 سنة أستاذة بالمرحلة المتوسطة فتجدها طريقة سلبية لعرض الألبسة الداخلية، وكأنما جسم امرأة حقيقة يعرض على المباشر بكل تفاصيله فأنا أجد إحراجا كبيرا عندما أمر مع أحد أفراد عائلتي على هذه المحلات وتتصادف بهذه المحلات التي تعرض الملابس الداخلية النسائية بمختلف الأشكال والأنواع والتفاصيل على دمى عارضة تفنن صانعوها في إبراز كل ما هو أنثوي فيها. وغير بعيد عن هاتين المواطنتين دخلنا محل بيع الملابس الذي كان يعرض مختلف أنواع الألبسة إلا الداخلية منها، التي كانت موضوعة فوق الرفوف أو معلقة داخل المحل، فسألناه عن سبب عدم اعتماده على الطريقة التي يتخذها أغلب الباعة في عرض سلعهم فأجاب: ''بالنسبة لي هذا أمر يتعلق بقناعاتي فأنا لا أحبذ مطلقا فكرة عرض الملابس الداخلية النسائية وإن صح القول المفضوحة على الملأ بغية بيعها ، فهناك أناس ينفرون من هذا السلوك لأننا ننحدر من مجتمع محافظ فقد يتصادف أن يكون ابن مع أمه أو أخ مع أخته ولا أجدها فكرة جيدة، بل هو إحراج لكلا الطرفين ، فمن تريد شراء مثل هذه الألبسة يمكن لها دخول المحل بكل راحتها ، واختيار ما تريد بدون الحاجة إلى تعليق هذه الألبسة قصد الإشهار بها ولفت الانتباه ، فهي طريقة بعيدة كل البعد عن مجتمعنا وتقاليدنا وديننا. من جهة أخرى صادف وأن التقينا بعض المواطنين والباعة أصحاب المحلات يدافعون عن أسلوبهم هذا في عرض الألبسة الداخلية النسائية متحججين بعدة أسباب. هي الطريقة المثلى لترويج السلعة وبيعها غير بعيد عن شارع ''حسيبة بن بوعلي'' توجهنا إلى سوق علي ملاح وهو الآخر يشهد إقبالا واسعا من طرف المواطنين والمواطنات، تحدثنا إلى ''رزيقة'' 29 سنة عن رأيها حول الموضوع فأجابت: ''بالنسبة لي لا أجد أي حرج في عرضها بهذه الطريقة ، فأنا أعتبرها أحسن طريقة لعرض الثوب للمشتري ، لأننا في زمن تغيرت فيه كثيرا عقليات الناس فلم يعد اهتمامهم منصبا على من ترتدي أو بأية طريقة بل البحث عن ما هو الأجمل والأجود ، والبحث عن أهم الماركات العالمية، وهي فكرة ذكية لجلب أنظار المارة للسلع المعروضة''. أما ابراهيم 33 سنة بائع الملابس فيقول: ''إن استخدام هذا النموذج طغى كثيرا على الأسواق الجزائرية وبسرعة فائقة ، خاصة بعد إقبال الناس على كل العروضات الجذابة فأنا شخصيا ساعدني كثيرا استخدام هاته العارضات لأنها سهلت كثيرا علي عملية البيع ، فالعديد من الفتيات والنسوة اللواتي يقبلن على محلي يخترن الألبسة المعروضة على المحل ويحددنها لي ويقلن تلك التي على العارضة وهذا دليل على أن الناس ينبرهن بالمظهر الجميل''. هو رأي كذلك حميد 26 سنة بائع لملابس النساء الذي عبر عن رضاه التام لمثل هذه الابتكارات ، التي تساعد على ترويج السلع ، وجذب المواطنين إليها حيث قال: ''أين هو الفرق إن كنت أعرض الملابس الداخلية على الدمية ، ومعلقة في الواجهة بل بالعكس فوضعها على الدمية أفضل طريقة لترويجها ، أنا لا أفضل فكرة بيع الملابس النسوية الداخلية على قارعة الطريق وفي الأرصفة هذا ينقص من قيمة المنتوج وإقبال الناس عليه عكس عرضه بالطريقة الحديثة التي تعطي جمالية للثوب على العارضة. رأي الدين حول الظاهرة يرى المفتي الدكتور يوسف بلمهدي أن تعرية الدمى هي من مقدمات الزنا، فوضع تماثيل مثيرة لعارضات الأزياء ''المانيكا'' والتي تكشف تفاصيل الجسم لديها تأثيرات ضارة، وذلك بإثارة الغرائز، وتؤدي إلى سيل لعاب أصحاب الشهوات، وتعد مظهرا من مظاهر الفساد والإفساد ، فالإسلام حرم كل ما يظهر من المحاسن المثيرة للمرأة سواء بالصورة أو الترسيم ، فلا يجوز للمرأة أو الرجل أن يرى منهما إلا ما أباحه الدين فيوصف ''المانكا'' بجسد كامل في إبراز مفاتن الجسم خاصة الملابس التي فيها إثارة ، سواء للمرأة أو الرجل يعتبر حراما ، لأن طريق الحرام حرام، خاصة وأن بعض الشباب ضعفاء النفوس والذين لا يتمكنون من الزواج لانتشار البطالة أو لغياب دور الأسرة في التربية قد يحدث لديهم إثارة بانقلاب النظرة إلى ''المانكا'' إلى فعل عن طريق التحرش والاغتصاب، لذلك وجب وضع ضوابط لهذه المعروضات خاصة التي تعرض الملابس الداخلية للنساء ، لضبط آداب العرض بما يتفق مع مبادئ الأخلاق والدين ، وحتى لا يكون ذلك من وسائل الرذيلة غير المعاقب عليها.