كلما فكرت في الكتابة عن المتاحف ومحنة المتاحف في بلدنا.. يتراجع قلمي.. أشعر أن الوقت غير مناسب للكتابة عن هكذا موضوع .. وتنازعني نفسي للكتابة عن أي موضوع ثقافي إلا المتحف.. حالي في ذلك حال أغلبية ممارسي فعل الكتابة.. كأن فينا شيئا يتآمر على المتاحف.. يكرهها، ينفر منها.. ويتواطأ مع أعداء الخفاء لتظل المتاحف حبيسة بؤسها وعزلتها.. تتعاقب الأعوام وتمر الأحداث والسنون ومتاحفنا تغط في بؤس عميق، تودع عاما وتستقبل آخر أكثر بؤسا ومواتا.. لا وجود لها خارج بناياتها وما كتب على ناصية بواباتها.. لا يشي بأنها هنا.. لا شيء يعلن عنها بكامل ذخرها الإرثي وتراثها العريق وكنوزها التاريخية.. أكثر من تلك البقعة التي تتربع عليها وتشغلها ككيان ينوء بحمولة باهضة الثمن لا يعرف ما يفعل بها.. محفوظات وقطع نادرة وأعمال تراثية تحكي تاريخ حقب وأجيال غابرة.. أشياء عجيبة ومثيرة يضج بها صمت متاحفنا.. ولا أحد آبه لوجودها ولا عابئ بقيمتها ودورها في تغذية الذاكرة الإنسانية وترسيخ الهوية الوطنية وتربية الذائقة الثقافية والحضارية.. نمر أمام متحف كأنما نمر أمام شجرة أو جدار أو أي شيء لا يقول شيئا.. يستوقفنا محل بيع أحذية ولا يستوقفنا مدخل متحف.. تعودنا وضعه خارج نجال حياتنا واهتماماتنا.. أصبح من تلك الأشياء التي نراها ولا نراها موجودة ضمن محيطنا لكنا لا نشعر بوجودها ور نعترف بهويتها ودورها .. القائمون على هذه الهيئات الغارقة في النسيان واللامبالاة تلبستهم الوضعية والذهنية المتخفية حتى أننا نظنهم من بعض محتوياتها .. كأنما استسلموا واقتنعوا بان المتحف يجب أن يكون هكذا .. على هذا الجمود .. على هذا الانغلاق .. على هذا الصمت والعزلة المقيتة .. لماذا حكموا على متاحفنا بالخروج عن تفاصيل ثقافتنا بالغربة والشذوذ عن مكونات واقعنا الفني والمعرفي .. لم كل هذا الإصرار على بؤس المتاحف.. هذا الكلام جرني إليه خبر قرأته عن متحف اللوفر في فرنسا الذي بلغ عنان الانفتاح والازدهار حتى انه أصبح متواجدا على الهواتف النقالة بإطلاقه مؤخرا خدمة مجانية على هواتف ''أي خون'' الخليوية تسمح لحامليها باكتشاف محتوياته ومعروضاته وتتيح لهم التعرف على أجمل الأعمال الفنية مع تعليقات مفصلة عليها.. وعليه يصبح المتحف في متناول حاملي هذا النوع من الهواتف مع تزويدهم بمعلومات عن جديد مواعيد المتحف، وهي خطوة تندرج ضمن عمل اللوفر على تحقيق أكبر قدر من التوسع والانتشار تكنولوجيا بعدما أنشأ موقعا الكترونيا خاصا به .. لا نطالب طبعا متاحفنا بكل هذا الترف التكنولوجي لكن فقط عليها أن تغير شيئا من الجمود والركود الذي اتخذته نظاما أزليا لها.