كشفت وزيرة الأسرة وقضايا المرأة مؤخرا بالجزائر السيدة نوارة سعدية جعفر، عن نتائج دراسة أنجزت من قبل مصالح وزارتها تشير إلى أن امرأتين من كل عشر نساء بالجزائر تتعرضان للعنف داخل المحيط الأسري. الدراسة التي شملت 4000 امرأة أثبتت أن الضحايا تعرضن للعنف الأسري بشتى أنواعه اللفظي والجسدي والجنسي، وذلك لأتفه الأسباب. وفي محاولة لتفسير النتائج قالت الوزيرة جعفر إنها راجعة للجهل بقانون الأسرة بكل التعديلات الطارئة عليه، مع غياب ثقافة التبليغ لدى الجزائريين عموما وعدم اللجوء لمصالح الأمن أو العدالة خاصة بالنسبة للنساء المعنفات داخل المحيط الأسري، حيث يفضل عدد كبير منهن الصمت والتكتم عما تتعرضن له، رغبة منهن في الإبقاء على الروابط الأسرية قائمة، وتجنبا للطلاق أو التفكك عموما إذا كان المعتدي عليهن أبا أو أخا أو ابنا. الكشف عن نتائج هذه الدراسة جاء خلال اليوم الدراسي حول الانسجام، حيث كشفت رئيسة شبكة وسيلة السيدة فضيلة بن عبد الرحمان عن إحصاءات تصب في ذات الموضوع، حيث قالت إن عدد الشكاوى أو طلبات التدخل للمساعدة بلغ 4241 اتصال. العنف الأسري ...إلى أين ؟ ويعد العنف الأسري من بين أكثر أنواع العنف انتشارا بالجزائر، وإن ظهرت خلال السنوات الأخيرة أنواع أخرى وطغت على المجتمع كتعنيف المرأة على يد الغرباء أي بالأماكن العامة والشارع وغيره. إلا أن العنف الأسري لايزال يشغل أهل الاختصاص من علماء نفس ورجال قانون وجمعيات نسويه ومصالح أمن. وتقول السيدة نادية دريدي، رئيسة الجمعية الوطنية لترقية وحماية حقوق المرأة، خلال لقاء نظمته جمعيتها مؤخرا بالمكتبة الوطنية وحضره ضيوف آخرون ناقشوا وضع المرأة الجزائرية والعنف، إن المرأة الجزائرية لاتزال لحد الساعة تتكتم على ما تتعرض له من أشكال عنف مختلفة يمارسها عليها الزوج بصفة خاصة، وهي تتكتم على الأمر محاولة منها تفادي ما هو أفظع أي الطلاق وما ينجر عنه من تبعات قد لا تحمد عقباها كالطرد من البيت ومن ثم تشريد أطفالها. وهنا تؤكد السيد دريدي بأن هناك فراغا قانونيا كبيرا يظهر على الإجراءات المتخذة لحماية المرأة من العنف وضمان حقوقها وحقوق أبنائها. وفي هذا السياق تؤكد ذات المتحدثة بأن جمعيتها لن تتوانى في أتحاذ أي إجراء لحماية المرأة المعنفة على يد الطرف الآخر، مشددة على ضرورة توعية النساء وإطلاعهن على حقوقهن المكفولة قانونا وكذا واجباتهن المطلوب منهن الالتزام بأدائها . ورغم أن التعديلات المدخلة على قانون الأسرة الجزائري تكفل للمطلقة سكنا يوفره لها طليقها إذا كانت منجبة منه، إلا أن الواقع يظهر مخالفا لإرادة المشرع، حيث تقول الأستاذة المحامية كريمة قماش إن هناك مصاعب كبيرة تعترض تطبيق المواد القانونية الجديدة التي سنها المشرّع الجزائري في قانون الأسرة، فرغم أن الكثير من تلك المواد تكفل حقوق المرأة خاصة إذا ما تعلق الأمر بحقوقها بعد الطلاق كالحق في السكن والنفقة وغيرها، إلا أن الكثير من المطلقات تجدن أنفسهن مشردات في الشارع رغم أن القانون في صفهن ومنحهن صفة الحاضنة التي بموجبها تحصل المرأة المطلقة على البيت والنفقة من قبل الطليق. يرجع عدد من المتابعين للأوضاع الاجتماعية بالجزائر ما تتعرض له النساء من عنف خاصة على يد أفراد الأسرة إلى المرحلة العصيبة التي مرت بها الجزائر والتي طغى عليها العنف الرهيب. وفي هذا الصدد تقول محافظة الشرطة السيدة خيرة مسعودان من المديرية العامة للأمن الوطني بالجزائر خلال ذات اللقاء المنظم من قبل جمعية ترقية وحماية المرأة، إن العشرية الحمراء التي عاشتها البلاد أثرت سلبيا على الأسرة الجزائرية والمجتمع برمته ، وأضافت أن العنف الذي تتعرض له النساء والأطفال متعدد الأشكال، والأهم أن المرأة ورغم كونها ضحية إلا أنها تظل الملامة الوحيدة والمتهمة في نفس الوقت.