أوضح المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد خلال مداخلته أول أمس بمسرح الهواء الطلق بالعاصمة والتي جاءت تحت عنوان ''المسرح وفلسطين... من البعد القومي إلى البعد الإنساني'' في إطار الملتقى العلمي للمهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته الثالثة، أن تاريخ المسرح هو أساسا تاريخ الحوار، أي ذلك الذي ''يشبهنا أو يختلف عنا أو متعالٍ في السماء أو مع الزمن الهارب أو مع القدر الخفي أو مع الغيب المجهول أو مع الطبيعة أو مع ما وراء الطبيعة أو مع المجتمع أو مع التاريخ. وفي السياق نفسه وضع براشد قضية فلسطين في دائرة الضوء، بوصفها ''قضية الإنسان الباحث عن حقه في الأرض وفي الذاكرة وفي التاريخ وفي الحلم والحرية والكرامة، وفي التعبير الحر والوجود''، وعليه يضيف براشد يمكن أن نقول إن، واعتمادا على مقولة ''بريشت''، القضية الفلسطينية قضية درامية بامتياز وبأنها مفعمة بالصدق والمعاناة والشيء الذي يؤهلنا لأن نعطي مسرحا كبيرا يكون في مستوى قضيته وفي مستوى نضاله وكذا في مستوى قلقه الوجودي وفي مستوى معاناته وأسئلته الوجودية الكبرى، التي لخصها براشد في مقولة هامليتي الشهير ''نكون أو لا نكون''. ولعطب ما، يضيف براشد، لم يتحقق ما كان ممكنا أن يكون ولم يحقق المسرح العربي عظمته رغم عظمة قضيته ورغم حرارة المناخ التاريخي الذي عاش فيه. كما تساءل المحاضر عن الأسباب التي جعلت المسرح العربي يتخلف عن احتواء القضية الفلسطينية، ولماذا لم تفرز القضية الفلسطينية تيارات مسرحية كبيرة، مؤكدا أن المسرح رغم كثرة تجاربه لم يحقق استقلال خطابه المسرحي عن الخطاب السياسي الرسمي، فقد ظل جنسه الأدبي والفني خاضعا لبعض الأجناس الأدبية والفنية الأخرى'' الخطابية والغنائية والتلقائية ظلت حاضرة بقوة في تجارب هذا المسرح. وفي تعريفه للفن الرابع قال براشد، إن المسرح فن إنساني وكوني بامتياز يجب أن يكون موضوعيا بعيدا عن الذاتية الخطابية وعن الانغلاق الوطني أو القومي، ولتحقيق هذه الموضوعية علينا - يضيف المتحدث- تبنى شكل المسرح الوثائقي من خلال تقديم مسرحيات يتداخل فيها الواقع بالتاريخ وتتحاور فيها الصورة المتخيلة بالوثائق المكتوبة أو الصورة. ومن بين الذين أنتجوا في هذا المجال، حسب براشد، تجربة ألفريد فرج الرائدة في مسرحيته '' النار والزيتون. كما عرج براشيد على القضية الفلسطينية في الكتابات المسرحية والتي قال بشأنها إن وجود فلسطين في المسرح يتطلب مقاربة أخرى، مقاربة تتجاوز الصراع بين قويتين أو بين ذاتين إلى الصراع بين أوديب الإنسان وبين أبي الهول الوحش. وخلص المحاضر بقوله ''يجب البحث اليوم وغدا عن معنى واحد لكل المسرحيات ذلك المعنى هو الذي مازال مختبئا في ضمير الناس ومازال ضائعا وتائها لحد الآن.