النص الأدبي عمل متكامل سواء أكان شعرا أو نثرا رواية أو قصة قصيرة. لكن الإشكال الكبير في طول النص و قصره! هل لهما علاقة بقدرة لكاتب على التبليغ؟ بمعنى آخر هل ينطبق المثل العربي القائل خير الكلام ما قل و دل على حجم الرواية؟ التربويون يقولون أن فكرة الدرس إذا لم تتضح في ذهن المعلم فإنه سيتحدث كثيرا من غير أن يبلغ هدفه، هل الأمر عينه ينطبق على النص الأدبي؟ هناك نصوص أدبية طويلة جدا حتى اعتبرت اختبارا لصبر القارئ واعتبرت مفصلا في صيرورة الأدب المحلي و العالمي، و بعضها اعتبر نقطة تحول للرواية في العالم. و من أمثلتها رواية جيمس جويس ''عوليس'' أو اليهودي التائه. قال عنها مترجمها للعربية صلاح نيازي: مستغلقة لدرجة الإحباط... امتحانا لقدرتك على الصبر و الجلد... إنها مثل مراقبة نمو نبتة، إنها بطيئة بلا شك... إنك لن تستطيع قراءتها دفعة واحدة و لا بدفعات كبيرة... و لا بد من مطالعة الأوديسة والتوراة والإنجيل وقصص جويس القصيرة أولا... والكثير من النصوص الشعرية التي تعد أبياتها بالآلاف على منوال ''إلياذة هوميروس'' ومازالت محل البحث و الدراسة. ليس في النص بل حتى في حياة الشاعر و هل هو موجود أم أنها من الصعوبة ما لا يمكن أن يؤلفها واحد. و طبعا هذا إن دل على شيء إنما يدل على روعة الإنتاج و براعة المنتج (بكسر التاء). لكن هل يعني هذا أن ضرورة النص التطويل والكاتب المتمكن هو القادر على تلبيسها درجة من الغموض بحيث لا تتضح معالمها، وأنك إذا أدركت آخرها ضاع منك أولها؟ طبعا لا! لقد قيل عن رواية الطيب صالح ''موسم الهجرة إلى الشمال'' رغم قصرها مقارنة بروايات أخرى: أنها قالت ما لم تقله روايات نجيب محفوظ مجتمعة رغم كثرتها و طولها النسبي. وأشعار العصر الحديث في غالبها لا تتميز بالطول إلا نادرا، و بطاقة هوية لدرويش أثارت حنقه لأنها تطلب منه كلما صعد إلى المنصة. أعتقد أن الرواية ليست بحجمها وعدد صفحاتها. و ليست القصيدة بعدد أبياتها و لكنها بالضرورة التي تحتاجها بين التطويل و التقصير. و في هذا الزمن أشجع التكثيف في الرواية، والنص الشعري. والحجم الصغير لا يعني هذا تحويلها إلى قصة قصيرة، ولكني أحبذها أقصر لظروف الراهن الذي نعيشه.