أجمع العديد من المكتبيين وأصحاب دور النشر في الجزائر على أن سوق الكتاب عرف تراجعا كبيرا في حجم الإيرادات مقارنة بالسنوات الماضية قدر بنسبة 80 بالمائة، نتيجة الإضراب الذي دعت إليه نقابة عمال التربية السناباب، وهو ما انعكس سلبا على عمليتي تسويق وتوزيع الكتاب المدرسي، مما سبب ركودا كاسحا في هذه المادة الفكرية. أعرب المهنيون ذاتهم في لقائهم مع ''الحوار'' عن قلقهم إزاء مستقبل الكتاب المدرسي في الجزائر، وعن مستوى التحصيل العلمي لدى التلاميذ في مختلف الأطوار. عمر عثمان ممثل دار النشر ثريا: تعاملنا مع المدارس الخاصة خلصنا من فكي الإضراب وشبح الخسارة قال عمر عثمان، مسؤول التوزيع بدار النشر ثريا، إن مؤسسته لم تتأثر بالإضراب الذي شنته أكاديمية عمال التربية في بداية العام ''كل إنتاجنا سوق ووزع بطريقة عادية دون أية مخاطر، وبما إن دار الكوثر، يضيف ذات المسؤول، مؤسسة مختصة في استيراد كتب الطفل فقد اعتمدت التعامل منذ نشأتها مع المدارس الخاصة، الأمر الذي جعل هذه الدار تنجو من فكي الإضراب وشبح الخسارة المحتومة الناجمة عن الإضراب الذي استجاب له الكثير من الأساتذة، والذي خلف آثارا سلبية على عملية توزيع الكتب ولاسيما منها شبه المدرسية التي عرفت ركودا كبيرا وبقيت مكدسة في مخازن دور النشر الجزائرية''. واكد عثمان في سياق حديثه على تذبذب عملية التحصيل لدى التلاميذ في مختلف الأطوار هذه السنة. خالد لمجد مدير تسجيلات الأثير للإنتاج والتوزيع: الإضراب كلفنا ضريبة كبيرة وخسارة بنسة 80 بالمائة على نقيض مسؤول دار النشر ثريا أكد خالد لمجد، مدير تسجبلات الأثير للإنتاج والتوزيع، أن الإضراب السابق الذي شنه أساتذة التعليم شل عملية توزيع وتسويق الكتاب في الجزائر وأثر بشكل سلبي على دور النشر حيث انخفض، حسبه، حجم المبيعات على مستوى داره بنسبة 80 بالمائة مقارنة بالسنوات الماضية، قائلا: ''إن التلميذ الذي حرم حتى من حقه في التحصيل العلمي من مثله الأعلى أي الأستاذ ولم يكمل حتى ربع دروسه المقررة من طرف الوزارة الوصية، كيف يقبل على المطالعة، ضف إلى ذلك الأولياء الذين عهدنا تهافتهم في السابق على شراء الكتب وكذا الاشرطة السمعية البصرية أصبح همهم الوحيد تخوفهم من سنة دراسية بيضاء، وقد بلغت هذه المسألة مرحلة خطيرة''. ودعا محدثنا في الوقت نفسه كل من له علاقة بالتلميذ أن يدلو بدلوه حتى نخرج هذه الفئة التي تعد زاد الأمة في المستقبل وأمنها وأن ندرك تمام الإدراك كيف نحمي هذا الاحتياط البشري وإخراجه من دائرة الخطر، وكيف نحسن من استثمار هذا الرأسمال المتجدد، وأن نضع مستقبل التلميذ والطالب فوق كل الاعتبارات. سحيري عبد الرزاق مسؤول دار النشر الحاكيمية: إضراب قطاع التربية كلفنا خسارة كبيرة نفس الرأي لمسناه عند مسؤول دار النشر الحاكيمية سحيري عبد الرزاق الذي أكد بدوره على هلاك سوق التوزيع وتسويق الكتاب هذه السنة في الجزائر، نتيجة ما خلفه الإضراب الذي استجاب إليه من كاد أن يكون رسولا. ''صراحة لقد تضررنا كثيرا من إضراب عمال القطاع التربوي، حيث لم تتعد نسبة المبيعات هذه السنة مستوى 20 بالمائة مقارنة بالسنوات الماضية، ليرتفع مؤشر الخسارة إلى 80 بالمائة، ولولا حبي لعالم الورق والحبر لما استمريت في هذا الحقل مطلقا وحولت مكتبتي إلى بضائع مربحة مثل ما فعل الكثير من المهنيين وأصحاب المكتبات الذين سئموا من مشكلات هذه المهنة يوما بعد يوم وحولوا نشاطهم إلى محلات لبيع البييزا وقاعات الشاي، لأنه زيادة على كل الإجراءات المعقدة بدءا من أزمة السيولة التي يعاني منها المهنيون في ظل عدم وجود تسهيلات على مستوى البنوك والمؤسسات المالية وأزمة القوانين التي ضيقت علينا الخناق ومشاكل المطبعة، واجهتنا قضية الإضراب التي زادت الأمر تأزما . حقيقة، يقول عبد الرزاق، أضحى بائع المكسرات والتبغ على قارعة الطريق أغنى من بائع الكتاب عندنا وهذا أمر يندى له الجبين''. ارزقي رشيد دار مكتبة ابن باديس: الإضراب سبب كسادا في سوق المبيعات من جهته أكد مسؤول تجاري بدار مكتبة ابن باديس على تقلص النشاطات وتذبذب سوق التوزيع وتسويق الكتاب هذه السنة مقارنة بالأعوام الماضية، وهذا نتيجة ما أفرزه إضراب الأساتذة الأخير، داعيا إلى عدم التلاعب بمستقبل التلميذ الذي أضحى لقمة سائغة وجعلوه في فوهة بركان للوصول إلى مآربهم، مضيفا إن الإضراب سبب كسادا في سوق المبيعات هذه السنة. سعدون سلاف دار الهناء للتوزيع والنشر: إضراب الأساتذة شلّ سوق الكتاب في الجزائر ترى سعدون سلاف، مسؤولة في دار الهناء للتوزيع والنشر، أن الكتاب أصبح العنصر الأخير في قائمة المشتريات لدى الأسر الجزائرية، في وقت كنا نسجل وفودا من التلاميذ في مختلف الأطوار يؤمّون مختلف المكتبات لتصفح عناوين مختلفة خاصة تلك التي تدخل في إطار دراساتهم من حوليات، خاصة التلاميذ المقبلين على اجتياز شهادات مصيرية مثل البكالوريا والفحص التأهيلي والتعليم المتوسط، لكن ومع الإضراب الأخير الذي شنه قطاع التربية شل عالم الكتاب وهز أركانه وعرقل قواعد سير سوق توزيع وتسويق هذه المادة الحيوية الموجهة لتغذية الفكر والعقل، فالكتب شبه المدرسية عرفت نوما عميقا على رفوف المكتبات، الإضراب ذهب ضحيته التلميذ والكتاب معا، وتكبدنا خسارة ما يقارب 80 بالمائة، وهذا الرقم، تقول سلاف، متفق عليه من قبل كل دور النشر التي تنشط على الساحة الجزائرية . زبير مدير دار الحديث للكتاب: 70 بالمائة حصيلة الخسارة التي تكبدناها جراء الإضراب أوضح زبير، مدير دار الحديث للكتاب، أن التقاعس والرسوب وضعف سير عملية بيع وتسويق الكتاب في الجزائر هذه السنة أثر على سوق الكتاب، ومرد ذلك إلى عدة عوامل في مقدمتها قضية الإضراب الذي قام به عمال التربية خلال السنة الدراسية 2010 والذي أفرز عدة سلبيات، حيث بلغت الخسارة أزيد من 70 بالمائة، متسائلا عن مصير الكتاب عندنا في الوقت الذي أصبحنا نفتقد إلى المكتبات الجوارية.