يكتسي قصر رياس البحر هذه الأيام حلة جديدة خاصة بعد أن تزين بأبهى وأجمل التحف والمنسوجات الجزائرية أبدعت في صنعها أنامل المرأة الجزائرية التي مزجت فيها بين أصالة الماضي وروح الحاضر في أول مهرجان للإبداعات النسوية. ''الحوار'' سلطت الضوء على أهمية هذا المهرجان في الحفاظ على الحرف التقليدية وإخراجها من ذاكرة النسيان، حيث اقتربنا من بعض الحرفيات لمعرفة واقع هذا الفن في الجزائر. مليكة عزوق: الإبداعات النسوية بطاقة تعريف للجزائر في كل أنحاء العالم أوضحت محافظة التراث بالمتحف الوطني للفنون والتقاليد الشعبية أن المهرجان الوطني لإبداعات المرأة في طبعته الأولى سمح للناس بالتعرف على الاختلافات الموجودة في مختلف المناطق الجزائرية والخاصة بفن النسيج الجزائري الذي ظل غامضا لدى الكثير من الناس، ليكون هذا المهرجان، حسب عزوق، فرصة لاكتشاف خبايا وأسرار هذا الفن الذي يعبر عن الثراء الثقافي الذي تتميز به الجزائر عبر مناطقها المختلفة. هذا وأثنت ذات المتحدثة على هذه التظاهرة التي قالت عنها إنها نافذة لاعادة إحياء التراث الجزائري والحرف التقليدية التي همشت على حساب العصرنة. كما اعتبرت عزوق أن هذا المهرجان من شأنه أن يساهم كذلك في انتعاش الاقتصاد، حيث سيسمح للنساء الحرفيات برفع المبيعات على الصعيدين المحلي والدولي، وهو فرصة لتعريف الأجانب بمنتوجاتنا التقليدية. فهي ترى في هذه التظاهرة بمثابة بطاقة تعريف للفن التقليدي الجزائري في جميع أنحاء العالم والتعرف على الزربية التقليدية برموزها المتفردة والضاربة في قدم الحضارات التي تعاقبت على الجزائر. بكادي جميلة: المهرجان أكبر مكسب حققته المرأة الجزائرية من جهتها اعتبرت الحرفية بكادي جميلة من تقرت المهرجان الذي اختار موضوع النسيج في أولى طبعاته مكسبا كبيرا، حيث تمكنا خلال هذه التظاهرة، تقول جميلة، من بيع ما لم نكن نحلم ببيعه كما أن الإقبال كان كبيرا من طرف الزوار. كما أن المهرجان نفض الغبار عن منطقة تيميمون التي كانت منسية رغم أنها تعتبر أحد أهم مناطق الجنوب الجزائري الكبير. رويغي السعدية: هدفنا الحفاظ على هذه الحرفة من الزوال والاندثار وان كان هم جميلة التعريف بمنطقة تيميمنون فإن رويغي السعدية من المنيعة التابعة لولاية غرداية التي تقع في الجنوب الجزائري الكبير، تقاسمها نفس الاهتمام، حيث أكدت محدثتنا أنها تسعى رفقة جمعية مشعل مستقبل المرأة التي تنشط تحت ظلها ''إلى إبراز تراث المنطقة والتعريف من خلاله بالمدينة، مبرزة في ذات السياق أهمية هذه التظاهرة الثقافية الكبرى التي سمحت، حسبها، بتعريف الحرفيين على بعضهم البعض وتبادل الخبرات، مضيفة ان الحرفيات كن يفتقدن لمثل هذه التظاهرة التي تساهم في إحداث التقارب بين صناع النسيج في مختلف أنحاء الوطن. وفي سياق متصل اعتبرت السعدية ان المهرجان قادر على إعادة فن النسيج إلى سابق عهده. من جهة أخرى أشارت السعدية للإقبال الكبير الذي حظي به المعرض من قبل الزوار الذين توافدوا بكثرة على المهرجان منذ اليوم الأول لافتتاحه خاصة في نهاية الأسبوع. لتعود ذات المتحدثة خلال كلامها لتؤكد أن الجمعية حريصة على تعليم البنات حتى لا تضيع هذه الحرفة التقليدية، مضيفة ''همنا هو الحفاظ على أهم تراث تختزن عليه الجزائر... ونحن من خلال المهرجان نتمنى ان نستقطب أكبر عدد من الفتيات لتعلم هذه الحرفة والآن نحن في مرحلة أكثر تطور، حيث عمدنا إلى إدخال النسيج في مجال اللباس وفكرنا حتى في المحجبات وصنع خمارات خاصة ومطرزة برموز من التراث. مسعودة فرطاس: نجمة الرجل عمق الطبيعة الصحراوية هذا واعتبرت مسعودة فرطاس أن المهرجان أعطى للنسيج نفسا جديدا يضمن استمرار توارثه بين الأجيال خاصة صناعة الزرابي سواء الثقيل منها أو الخفيف، ولاسيما في ظل المنافسة الحادة التي تعرفها المنسوجات الحديثة التي وجهت أنظار الناس إليها. ''وستبقى ''نجمة الرجل''، تقول مسعودة، رمزنا المقدس ولن نتخلى عنها أبدا. ولازلنا الى غاية اليوم، تضيف محدثتنا، نقدم دروسا في النسيج لإخراجه من ذاكرة النسيان''. وأشارت ذات المتحدثة في معرض حديثها الى الإقبال الكبير الذي حظي به المهرجان، مؤكدة أن كل منتوجاتها ستباع خلال المهرجان. فنصف المنسوجات، حسب ما أكدته، بيعت في اليومين الأولين من المهرجان وهذا ينم عن تقديس الجزائريين لتراثهم. ''واليوم، تقول مسعودة، نحن بأمس الحاجة لمثل هذه المهرجانات لتعليم البنات هذه الحرف وإعطاء نفس جديد سواء للحرفية او للنسيج في حد ذاته لمواصلة تغلغله في الشمال وجميع ولايات الوطن''. قاديري فتيحة: لا يوجد أحسن من هذا المهرجان لإحداث التقارب أما الحرفية قاديري فتيحة من تيميمون فأوضحت انه منذ أربعين سنة توقفوا عن خدمة الصوف والنسيج التقليدي في تيميمون وتحولوا إلى العمل بالصوف الاصطناعي، ''ونحن أعربنا عن استيائنا للوضع القائم مرات عديدة وأجرينا بحوثا مكثفة في مجال النسيج لنقوم بعدها بجلب كبار النساء اللواتي امتهن الحرفة في تيميمون بعد ان توقفن عن ممارستها وقمن بتلقيننا أساسيات النسيج، وهو ما نعمل على تعليمة للبنات اليوم. وعملنا كله تقليدي وبالمواد الطبيعية''. أما عن المهرجان فاعتبرت فتيحة انه يكتسي أهمية بالغة وهو باب للتعريف بتميمون وبتراث الجزائر باعتبارها جزءا لا يتجزأ من وطننا الحبيب ولا يوجد أحسن من هذا المهرجان لإحداث التقارب.