يحتل المقهى مكانة مميزة في الذاكرة الشعبية للجزائريين، فقد كانت جدران الكثير منها شاهدة على أحداث كبيرة مرت بالجزائر وآخر حدث منتظر سيحل بعد أيام، حيث تستعد المقاهي الشعبية لاحتضان الشباب الراغب في متابعة مباريات الفريق الوطني الجزائري، وتعكف المقاهي على تسجيل حضورها بتكثيف استعداداتها للموعد المنتظر رغم السلبيات التي أصبحت تعرفها مقاهينا الشعبية. كشف السيد عبد الحميد بوكحنون، مدير مكتب مكافحة الغش بمديرية التجارة لولاية الجزائر، في حديث للإذاعة الوطنية، عن تسجيل 833 تدخل لمراقبة نشاط المقاهي في العاصمة تم من خلالها غلق 75 مقهي في الثلاثي الأول من السنة الحالية. وأرجع ذات المتحدث السبب الرئيسي لهذه القرارات لانعدام شروط النظافة بشكل تام. تعكف مديرية التجارة على تكثيف نشاطاتها مع بداية فصل الصيف، حيث تركز على مطاعم الأكل السريع والمقاهي التي تشهد إقبالا كبيرا للمواطنين خاصة مع اقتراب موعد المونديال حيث تكون المقاهي متنفسا ومكانا يجتمع فيه عدد هائل من المواطنين ومن مختلف الأعمار للاستمتاع بمشاهدة مباريات كرة القدم. ويسارع أصحاب المقاهي، هذه الأيام، إلى العمل على اقتناء أجهزة تلفزيون حديثة وزيادة عدد الكراسي للظفر بأكبر عدد ممكن من الزبائن، لكن استعدادات المقاهي لاحتضان المشاهدين توازي هذه الأيام تكثيف مديرية التجارة ومصالح قمع الغش بصفة خاصة دورياتها لمراقبة المقاهي وصالونات الشاي التي لا يحترم بعض ملاكها والعاملين فيها شروط النظافة، وهو ما يتسبب في حدوث تسممات لروادها. ورغم عدم شيوع مثل هذه الحالات إلا أن مراقبي مكتب مكافحة الغش يؤكدون أن الخطورة لا تقل عن محلات الأكل السريع فعدم احترام شروط النظافة يؤدي إلى نفس النتائج الكارثية. توقع تزايد مرتاديها خلال المونديال رغم السلبيات التي تميز عمل المقاهي الشعبية وتفضيل العديد من روادها الهروب منها بأكواب القهوة البلاستيكية بعيدا عن الفوضى التي تميزها ورائحة الدخان الذي يملأ المكان زيادة على الأصوات المرتفعة للاعبي ''الدومينو'' وغيرها من الألعاب الشعبية الأخرى، لايزال المقهى رغم كل تلك السلبيات يحتفظ بخصوصية كبيرة لدى المواطن الجزائري فهو المكان المميز لقضاء بعض الوقت في مشاهدة مباريات كرة القدم التي لا تحلو إلا بمشاركة أولاد الحومة أو لتبادل بعض الأفكار ومناقشة مختلف القضايا السياسية والاجتماعية حول مائدة صغيرة وفناجين قهوة مميزة. وقد أكد بعض الشباب عدم قدرتهم على نسيان الدخول إلى المقهى كل صباح وتفضيلهم لطاولة المقهى على طاولة البيت، لكن الكثير منهم أكد أن المقهى لم يعد يخلو من بعض المظاهر السليبة مثل التدخين، حيث لن يكون بمقدور الشيخ الطاعن في السن أو مريض الربو والحساسية الدخول إلى المقهى في ظل تواجد سحابة كثيفة من دخان السجائر، إذ يتعرض هؤلاء إلى تبعات التدخين السلبي بكل ما تحمله من خطوة بالغة على صحة المواطن المستنشق لهذه المادة. أما أصحاب المقاهي فأكد عدد منهم أنهم لا يستطيعون منع مرتادي المكان من التدخين خاصة وأن الكثير من الموظفين والشباب يقصدون المقاهي في فترات مختلفة من دوام عملهم اليومي لتدخين السجائر بما أن هذه الأخيرة ممنوع تناولها داخل مقرات العمل، وهو ما ساهم في ازدياد عدد المدخنين داخل المقاهي. وبالنسبة لغير المدخنين فإنهم يختارون في أغلب الأحيان الجلوس في الكراسي الخارجية الموجودة على الرصيف لتجنب رائحة الدخان، كما تعمد صالونات الشاي الحديثة إلى تخصيص فضاء للتدخين لتجنب انزعاج غير المدخنين. أما فيما يخص الضجيج الذي يميز المقاهي الشعبية، فقد أكد سفيان، شاب يعمل في إحدى المقاهي الشعبية ببلكور، أن الضجيج سمة تميز المقاهي الشعبية فالجميع تعود على فتح حلقة للنقاش وتكبر هذه الحلقة شيئا فشيئا حتى يشارك فيها جميع من في المقهى، خاصة إذا تعلق الأمر بالفريق الوطني وأخباره ونتائجه. س.ح