مقاه وقاعات شاي تقترح الفرجة لزبائنها، إدارات ومؤسسات عمومية تعمل على وقع الأجواء المونديالية، وعائلات تهجر بيوتها لمتابعة المقابلات في الهواء الطلق.. هي أجواء نتاج الحدث الكروي العالمي الذي سكن قلوب الجزائريين، فجعله ينبض في اتجاه جنوب إفريقيا، بينما أصبح لا لون يعلو ألوان الراية الوطنية ولا نغمة أفضل من الأغاني المشجعة ل ''الخضرا'' . الغريب في الأمر أنه رغم انطلاق الموعد الكروي العالمي، لا تزال محلات بيع الأجهزة الالكترومنزلية تشهد توافد العديد من المواطنين الراغبين في اقتناء أجهزة تلفزيون جديدة، والأكثر شاشات البلازما ذات الأحجام المختلفة وال '' أل- سي- دي ''، وتعتبر منطقة الحميز شرق العاصمة أكثر المناطق إقبالا خلال هذه الأيام لما توفره من منتوجات إلكترونية لعلامات عالمية متنوعة، حيث يحرص العديد من المواطنين على توفير كل الظروف لضمان الفرجة لهم ولعائلاتهم، مما يعني أن الصورة بالحجم الكبير والألوان الجيدة والصوت الجيد وحتى التعاليق الأكثر تشويقا، هي العوامل التي تحظى بالأولوية هذه الأيام. ''لا يمكن مشاهدة مباريات كأس العالم على شاشات تلفزيون من النوع التقليدي، فهي لا تضمن لك المتعة، بل ربما تخونك وتحرمك من الاستمتاع ببعض تفاصيل الصور وحتى التعاليق لتواضع جودتها الصوتية، إننا في أوج التطور التكنولوجي ولا بد أن نساير كل ما يأتي من جديد''.. يقول أحد المواطنين الذي قدم إلى إحدى المحلات بالعاصمة رفقة ابنه لاقتناء شاشة بلازما، مضيفاً أن الأروع في الشاشات الجديدة هي أنها تتيح لك فرصة تسجيل المقابلات والاحتفاظ بها لذكرى أكبر مناسبة كروية في العالم. أسعار شاشات البلازما تتراوح بين 32 ألف دينار إلى 100 ألف ديار وما فوق، وهذا حسب الحجم وما يرافق الجهاز من مزايا وخدمات إضافية، ولم يتردد العديد من أرباب العائلات في إنفاق ما وفروه ربما طيلة أشهر لإرضاء أبنائهم المولوعين برياضة كرة القدم والمحبين للفريق الوطني. المقاهي وقاعات الشاي لى وقع المونديال.. المقاهي وقاعات الشاي وحتى المحلات التجارية لم تتأخر هي الأخرى عن الموعد، حيث نصبت معظمها شاشات تلفزيون تسمح لروادها بمتابعة طيلة اليوم كل صغيرة وكبيرة مما يحدث في ملاعب بلاد ال''بافانا''، ففي العاصمة نكاد لا نجد محلا يخلو من جهاز تلفزيون، أما المقاهي وقاعات الشاي فأصبحت فيها هذه الأجهزة وسيلة لا بد منها، وعدم توفرها قد ينفر الزبائن الذين أصبحوا يفضلون تلك المجهزة بالشاشات. فبشارع العقيد عميروش وسط العاصمة اختارت مجموعة من الشباب وهم عمال بإحدى الشركات العمومية أحد المطاعم لتناول وجبة الغذاء بدل مطعم مؤسستهم الذي يقدم لهم وجبة بسعر رمزي، والسبب هو توفر شاشة عملاقة من النوع الجيد بهذا المطعم. وإذا كانت متابعة المقابلات في العديد من المقاهي وقاعات الشاي مجانية ولا تكلف المستفيد شيئا، فإن بعض هذه المرافق تعرض خدمة المشاهدة بمقابل حتى ولو كان رمزيا، حيث يتطلب على المتوافدين على أحد المقاهي بالعاصمة الواقع بأحد الأحياء الشعبية دفع 20 إلى 50 دينارا مباشرة، فيما اقدم عدد من أصحاب المقاهي وحتى قاعات الشاي على رفع سعر المشروبات، مقابل متابعة التغطية الإعلامية لمونديال جنوب إفريقيا. وحسب أحد أصحاب قاعات الشاي فإن توافد المواطنين وعلى الخصوص الشباب على قاعته يبدأ منذ الساعة الأولى من النهار حتى وإن لم تكن هناك مباراة مبرمجة، والسبب حسب محدثنا هو رغبة العديد من الزبائن في الاطلاع على أخبار المونديال الصباحية وهم يرتشفون فنجان قهوة الصباح وقبل التوجه إلى العمل، أما في الفترة المسائية فهناك جو آخر حيث تمتلئ القاعة عن آخرها بالزبائن ولا مكان للمتأخر، يضيف المتحدث. غيابات قياسية ومشاهدة المقابلات في مكان العمل هو الحل لم تقتصر حمى المونديال على البيوت والمقاهي والأماكن العمومية، بل طالت الإدارات والمؤسسات لتجد هذه الأخيرة نفسها أمام ظاهرة الغيابات عن العمل وتهاطل طلبات العطل، أياماً فقط قبيل انطلاق الموعد الكروي العالمي، بينما لم يتردد عدد كبير من العمال في التحجج بالعطل المرضية خلال الأيام الأولى من المنافسات، حتى لا تفوتهم فرصة متابعة لقاء الفريق الوطني وقد فضلت العديد من المؤسسات توفير جهاز تلفزيون بمكان العمل لمواجهة الغيابات التي كانت متوقعة منذ الوهلة الأولى نظرا لأهمية الحدث ولعودة المنتخب الجزائري لكرة القدم إلى كتيبة الفرق المونديالية بعد 24 سنة من الغياب من جهة، ولعشق الجزائريين للكرة الساحرة، هذه الأخيرة التي سحرت حتى الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز. شاشة رياض الفتح تخرج العائلات من بيوتهم.. لضمان الفرجة الجماعية المفضلة من قبل العديد من الجزائريين قامت ''مؤسسة رياض الفتح'' بنصب شاشة عملاقة بالساحة الرئيسية، والتي تشهد حضوراً كثيفاً للجماهير التي تفضل الهواء الطلق على شاشة التلفزيون في البيت أو المقهى. ويقول كريم البالغ من العمر 22 سنة والذي فضل رياض الفتح رفقة مجموعة من أصدقائه إن ''الشاشة العملاقة تجعلك تحس وكأنك في الملعب''، مضيفا ''لا يهم إن كانت غرفة التلفاز في المنزل مكيفة، لكن الأهم أننا هنا نعيش نفس أجواء المباراة وكأننا في جنوب إفريقيا''. ولم يتوقف الحضور بساحة رياض الفتح على الشباب والأطفال، بل امتد إلى النساء والفتيات وحتى عائلات بأكملها فضلت الخروج