مباراة الجزائر وسلوفينيا أكدت لنا أشياء كثيرة و كشفت عن أشياء أكثر، ليدرك الجمهور الجزائري أخيرا بأننا لم نمتلك بعد منتخب بأتم معنى الكلمة، هذه المباراة التي جعلتنا متأكدين بأن الناخب الوطني رابح سعدان يفتقد إلى الحنكة والذهنية الكروية، و ما حدث يوم أم درمان والكوت ديفوار لم يكن إلا انتفاضة عابرة لا لمسة مدرب محنك. فرغم الأسماء العملاقة في صفوف الخضر إلا أن سعدان لم يدرك ما يملك ولم يحسن توظيف هذه الأسماء في جملة مفيدة ، ليضرب لنفسه و لنا موعدا مع التهريج الكروي السلبي الذي راح ضحيته غزال وشاوشي من الانتقادات وتحمل المسؤولية و التي في الحقيقة كانت أن تصب في خانة سعدان بالدرجة الأولى. فهل من المنطقي أن يجمد المدرب في مقعد البدلاء دون حراك لتقديم التوجيهات والتعليمات للاعبيه، هذا من لم أجد له تفسيرا عند المدرب القدير رابح سعدان ، ولعل مازادني دهشة يوم مباراة أم درمان التي حبست أنفاسنا نحن الجزائريين كمتابعين ومناصرين فما بالك بالمدرب، هذا الأخير الذي ظل في مقعده و لم نسجل له ولا حركة، فأي مدرب في العالم يستطيع أن يجلس في مباراة من هذا النوع و في تلك الظروف ؟، هذا أيضا لم أجد له تفسيرا ، ولكن بعد أن جاء التأهل للمحفل العالمي من قلب السودان اعتقدت كل الاعتقاد بأن جلوس سعدان ينمي عن ثقة كبيرة يتحلى بها وفطنة وذكاء ودهاء خارق جعله يجلس طوال أطوار المباريات وهو في اطمئنان تام على النتيجة، لكن سرعان ماخاب ظني عندما وقفنا أمام هزائم متتالية، وجمود سعدان متواصل على مقعد البدلاء ، حينها أدركت أن تأهلنا نبع من طاقة دفينة في اللاعبين تفجرت على وقع ما حدث في القاهرة و ما حملته ظروف تلك الموقعة . ولعلكم تتساءلون لماذا أركز على انتقادي لجلوس سعدان أثناء المباريات ، ببساطة لأن أي مدرب كان عندما يقف ويتحرك من وراء خط التماس ، فهذا يعطي دفعا معنويا كبيرا للاعبيه و يؤثر سلبا على لاعبي الخصم وهذا ما أكدته الدراسات الحديثة في كرة القدم . و أكبر المدربين نجاحا هم أكثرهم تحركا في تقديم التوجيهات والتعليمات و لعل كل من مورينيو وقوارديولا يمثلان نموذج حيا في ذلك. مباراة الجزائر مع سلوفينيا التي كشفت عن أخطاء تكتيكية فادحة على مستوى منتخبنا الوطني جعلتنا جميعا لا نضع اللوم على غزال الذي لم يكن في يومه أو شاوشي الذي تألق في كل الكرات ليقع في الأخير ضحية كرة المونديال الجديدة ، والتي خادعت قبله حارس المنتخب الانجليزي وغيره . ومنه علينا أن ندرك أن التغيير آن ، وليس على مستوى اللاعبين ، لأننا لا نملك أحسن من هذه الكتيبة في الوقت الراهن ، لكن التغيير يجب أن يكون على مستوى تسيير هذه الطاقات و تفعيلها على أحسن وجه، وهذا ما يتطلب مدربا محنكا له من الذهنية الكروية والتكتيكية ما يجعله يضفي النور على النخبة الوطنية.