أطلقت منظمة الصحة العالمية، مؤخرا، الشبكة العالمية للمدن الملائمة للمسنين في إطار استجابة أوسع لمسألة سرعة تشيّخ السكان. وتشير التقديرات إلى أنّ 80 بالمائة من مجموع من سيبلغون الستين فما فوق سنة بحلول العام 2050 سيكونون من سكان البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، كما أن أغلبهم يعانون من الوحدة والعزلة والاكتئاب كما هو الحال بالجزائر. كشف تقرير أنجزته وزارة التضامن الاجتماعي حول وضعية الأسرة الجزائرية، بالأرقام، واقع المسنين في الجزائر، والذي يعتبر أول إحصاء رسمي لهذه الشريحة المغيبة والتي لا تذكر إلا في المناسبات. وأشار التقرير إلى أن عدد المسنين في الجزائر يتجاوز المليونين، ويصل بالضبط إلى حدود 2,530,713 نسمة، من ضمنها أكثر من مليون و255 ألف رجل مقابل مليون و275 ألف امرأة. الجدير بالذكر أن المقصود بالمسنين في تقرير وزارة التضامن كل من تجاوز ال 60 سنة، ومع أن هذه الشريحة ليست بالعريضة، إلا أن الواقع الذي يرسمه التقرير يعكس واقعا متدهورا، حيث تتأرجح معاناة المسنين بين إهمال السلطات العمومية وبين تغير مكانتهم في المجتمع، فبعد أن كانوا من الثوابت والمقدسات في ظل الأسر الكبيرة، فقدوا مكانتهم في ظل الفردانية التي صارت تطبع المجتمع الجزائري. مع ارتفاع معدلات الحياة.. واقع المسنين يزداد سوءا بالجزائر وصف التقرير واقع المسنين بأنه يزداد خطورة بالنظر لارتفاع معدلات الحياة، حيث إن العناية الصحية المتوفرة اليوم سمحت بتجاوز معدل الحياة عتبة الثمانين السنة، في حين أن السن القانونية للتقاعد تبدأ في سن الستين بالنسبة للرجال و55 سنة بالنسبة للنساء، ما يعني أن المسن في الجزائر يقضي أكثر من عشرين سنة في الفراغ، على اعتبار غياب الهياكل التي تستوعب هذه الشريحة، ما يجعلها غير فاعلة في المجتمع، الأمر الذي يؤكد بخصوصه الأخصائيون أنه يسهم في شعور الفرد بأنه دون أهمية وغير قادر على تأدية أي دور، وهو ما يساهم بشكل كبير في ظهور الأمراض، فقد بدأت الجزائر تشهد ارتفاع حالات الإصابة بالزهايمر وغيرها من الأمراض التي تؤكد انعزال المسنين وابتعادهم عن الحياة اليومية الفاعلة. هذا الحديث الطبي يتماشى مع تلك الأرقام التي تشير إلى غياب شريحة من جاوزوا 60 سنة عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وأظهر ذات التقرير أن عدد المسنين الذين أبدوا الرغبة في تقديم مشاريع في إطار الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر، لا يتجاوز عددهم 4,587 مسن، ما يؤكد العزلة التي تعيشها هذه الشريحة، مع ضرورة التأكيد على أنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن المدن الكبرى تضم غالبية المسنين، في مقدمتها العاصمة التي تضم ما يقارب من 268 ألف مسن، في حين أن ولاية وهران تضم أكثر من 115 ألف مسن، هذه الأرقام تضع الولايتين في مقدمة ولايات الوطن من حيث تمركز المسنين، مع التأكيد على الغالبية العظمى ممن يوضعون في خانة الماكثين بالبيت. هذا مع تسجيل قلة المرافق الخاصة بالمسنين حتى بقلب العاصمة، حيث لا يجدون مكانا يجمعهم بأقرانهم حتى في الحدائق التي تعج اليوم بالأزواج والعشاق. اضطرابات القلق والاكتئاب عند المسنين أفادت دراسة من قسم طب المُسنين في المستشفى الجامعي في أوليفال في النرويج، قام بها الدكتور كاري اوليفر وزملاؤه، بأن اضطراب القلق والاكتئاب شائعة بين المسنين الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً. وأجريت الدراسة المسحية هذه على 13004 مريض، أعمارهم 65 عاماً أو أكثر. وتبين أن القلق تصل نسبته كاضطراب مرضي بين هؤلاء المُسنين إلى 1,3 بالمائة بينما الاكتئاب تصل نسبته بين هؤلاء المسنين إلى 7,9 بالمائة وأن المسنين يُعانون بشكل كبير أكثر مما هو متوقع، خاصةً الذين يعيشون لوحدهم وليس لهم أقارب. وأشارت الدراسة إلى أن نسبة اضطراب القلق مع الاكتئاب كمرضٍ واحد تصل إلى 4,8 بالمائة وهي عالية. وان أكثر المسنين لا يحصلون على علاجٍ مُنتظم للقلق والاكتئاب رغم المعاناة منه. وإضافة إلى ذلك فإنهم يُعانون من أمراض عضوية كثيرة تجعل حياتهم أكثر صعوبة، خاصةً إذا رافق الاكتئاب بعض الأمراض العضوية مما يُعيق المريض ويمنعه من تناول الأدوية. وقد يتعرض المسنون لنوبات اكتئاب نتيجة الوحدة والمعاناة من الأمراض العضوية، ما قد يقود بعضهم إلى الانتحار، خاصةً أن من العوامل المساعدة للانتحار الوحدة في الشيخوخة والمرض النفسي إضافة إلى الأمراض العضوية المزمنة. ودعا الباحثون إلى أن يتم النظر دوماً إلى الحالة النفسية للمسن، إضافة إلى الأمراض العضوية وعلاجها.