يحتل قرع ميزاب المعروف محليا ب ''تاخسايت'' أو القرعة ذات اللون الأبيض المائل إلى الاخضرار مكانة خاصة في فن الطبخ بمنطقة غرداية، حيث لا تخلو أطباق موسم الصيف على وجه الخصوص من هذا النوع من الخضر، وفي مقدمتها أكلة ''الكسكسي'' الذي يحضر بنكهة وبمذاق متميز. ويعد القرع الذي يأخذ أشكالا طويلة وأوزانا مختلفة وهو أملس وتطلق عليه أسماء عديدة مثل'' اليقطين'' و''الكوسة'' و''القرعة اليابسة'' و'' الشمام''، من الخضر الأساسية التي تميز مرق طبق ''الكسكسي'' الغرداوي الذي عادة ما يحضر بلحم الخروف أولحم الحاشي (صغير الناقة) الذي يميز الأعراس في المنطقة. ودرجت عادة السكان بغرداية الذين يهتمون بفن الطبخ ويعملون على تنويع وتزيين أطباقهم بمختلف أصناف الخضر، ولاسيما في فترة الصيف، على زرع القرع في مزارعهم كونه نباتا معاشيا في البساتين العائلية. ويتميز نبات القرع الزاحف والمتسلق بسيقان طويلة ومتشعبة بسهولة فلاحته، ومن بين أسمائه قرع ميزاب ''السريع''، حسبما أشار إليه السيد الحاج حميدة وهو أحد الفلاحين بالمنطقة. وكل ما يقتضيه الأمر لغرس هذا الصنف من القرع هو تربة رطبة ومعرضة للشمس كي ينمو هذا النبات حيث تساعده في ذلك خصوبة التربة القلوية بمنطقة غرداية. وذكر من جهته السيد الحاج صالح، وهو بائع للأعشاب الطبية بوسط مدينة غرداية، ''أن بذور وقشور القرع كثيرا ما تستخدم في الطب التقليدي، حيث ينصح بعصير أو مستخلص القرع لتسكين آلام الرأس ولتخفيض نسبة السكر في الدم'' على حد قوله''. يستعمل كشراب ضد الزكام ولعلاج البروستات والمسالك البولية وتنسب إلى القرع فوائد كبيرة إذ غالبا ما تستخدم بذوره في تحضير مستحلب صدري منعش لعلاج الزكام والتهاب القناة الهضمية، حسبما أشار إلى ذلك شيخ من مدينة غرداية في السبعين من عمره، مؤكدا أن ''استعمال بذور القرع يساعد في علاج التهابات المسالك البولية وأمراض البروستات''، قبل أن يضيف أن ''خلطه مع العسل الطبيعي وتناوله له منافع على الرغبة الجنسية''. كما يتميز القرع بفوائد طبية خاصة وأنه يحتوي على الفيتامين (أ) الذي يساهم في نمو العظام والأسنان ويحافظ على البشرة ويحميها من الالتهابات، فضلا عن كونه يؤدي دورا مضادا للتأكسد ويقوي البصر ويحسن من قوة الجهاز المناعي، كما يقلل من أخطار السرطان وأمراض البروستات حسب خبراء التغذية. وتتوفر منطقة غرداية على العديد من أنواع القرع ''منها اليقطين وقرع الكوسة'' حيث تستهلك طازجة كما تسهلك مطبوخة في المرق إلى جانب استخدامها في تحضير مربى القرع. وفضلا عن كون بذور قرع ميزاب الذي تشتهر بإنتاجه هذه المنطقة الصحراوية، تحفظ لتستعمل كبذور للموسم المقبل، فهي تستهلك كذلك من خلال تحميصها وتجفيفها. هذا وتجدر الإشارة إلى أن سكان غرداية عرفوا كذلك كيف يستفيدون من نبات القرع الذي بعد أن يتم تجفيفه وتجويفه يستخدم كمشارب للطيور، كما يستخدم كعصير أو شراب تقليدي يعرف محليا ب ''تاكروايت'' عبارة عن (مستخلص من التوابل والنباتات) يعتبر بمثابة مشروب يميز منطقة وادي ميزاب.