لم يفقد بعد سكان حي ''الخروب'' التابع إقليميا لبلدية باش جراح بالجزائر العاصمة، الأمل في الحصول على مسكن لائق، رغم الهاجس العويص الذي يصبح ويمسي على وقعه يوميا سكان هذا الحي المهمش الذي تغيب عنه تماما كل مرافق الحياة، إذ يعاني من تصدي بيوته القصديرية. وقد أكد عدد من سكان الحي ممن التقيناهم أن آخر تصريحات مدير السكن لولاية الجزائر بشأن عمليات الترحيل المرتقب تنظيمها بعد عيد الفطر مباشرة، قد ساعدتهم كثيرا ومنحتهم بصيص أمل وهم يرتقبون أن تصدر في حقهم تعليمات صارمة تقضي بترحيلهم إلى سكنات لائقة. ولأننا لم نتردد في قصد بعض العائلات التي استقبلتنا بفرحة معتقدة أننا أعوان من طرف مصالح البلدية لإحصائهم من أجل عملية الترحيل، استشفينا على وجوه الجميع تلك اللهفة باستقبال أنباء عن عمليات الترحيل، حيث بدت ملامح الرغبة في افتكاك سكن جديد بادية على وجوه جميع من استقبلونا وصار حلم الحصول على مسكن مطلبا يوميا يضني الجميع كذلك، وهذا بسبب معاناة ضيق السكنات التي يتخبطون فيها من جهة، ناهيك عن اهتراء هذه الأخيرة وقدمها مما صار يلمح بقرب انهيارها في أية لحظة، فضلا عن الرطوبة التي أصبحت تهدد صحة المواطنين وحولتهم إلى مرضى مصابين بالحساسية. تتواصل معاناة سكان البيوت القصديرية بحي ''الخروب'' في ظل غياب أدنى مؤشرات العيش الكريم التي تصلح للجنس البشري ورغم اختلاف الأسباب الكامنة وراء التحاق هؤلاء القاطنين بهذه البيوت الفوضوية فإن المعاناة واحدة لا تختلف عن بعضها البعض وتتجسد في غياب أدنى مظاهر الحياة الكريمة وانعدام جميع المرافق الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة اليومية للمواطن فسكان هذه البيوت القصديرية يتجرعون مرارة العيش، تحت أسقف وجدران مبنية بطريقة فوضوية لا تحمي من قر الشتاء ولا حر الصيف ، خاصة وأنها عبارة ة عن قطع من ''الزنك والترنيت'' تتسبب في أمراض عديدة للقاطنين بها جراء ارتفاع نسبة الرطوبة وغياب التهوية بشكل كلي، ناهيك عن الانتشار الرهيب للجرذان والثعابين التي تتسلل إلى داخل مساكنهم التي أضحت تثير الرعب والخوف في نفوسهم وكذا أبنائهم الصغار، الذين لم يضفروا بعد بمحيط ملائم لمزاولة دراستهم التي تعرف تذبذبا كبيرا. وما زاد من استياء السكان وجودهم بنفس الحي منذ أكثر من عشر سنوات رغم الإنجازات الهائلة من البيوت التي وزعت ولم يشملهم المخطط الخاص بالترحيل، مطالبين في السياق ذاته بترحيلهم لأن الحياة بداخل البيوت القصديرية باتت مستحيلة، إلا انه لا تزال الوعود حبيسة الأدراج، وما زاد من امتعاضهم هي عمليات الإحصاء التي تقوم بها البلدية كل سنة على أساس ترحيلهم دون أن تمسهم.