أستاذ منور عبد الجبار، متحصل على شهادة الدكتوراه في الآداب، تدرج في عدة مناصب بالجامعة الجزائرية، فمن مدير معهد اللغات الأجنبية بجامعة قسنطينة إلى مدير جامعة التكوين المتواصل بذات الولاية، ويشغل حاليا مدير الدراسات بجامعة التكوين المتواصل، زارته الحوار بمقر مكتبه المتواجد بدالي إبراهيم حيث تحدث لنا عن هذه الجامعة التي قال بشأنها إنها فرصة ثانية. لأجل ماذا تم إنشاء جامعة التكوين المتواصل؟ - يطلق على جامعة التكوين المتواصل بجامعة الفرصة الثانية وكما يعلم الجميع أن هذه الجامعة التي تأسست وفق مرسوم تنفيذي رقم 46 /90 الموافق ليوم 26 ماي ,1990 قد فتحت أبوابها لكل راغب في التكوين ورفع مستواه التعليمي في عديد من التخصصات التي يتطلبها عالم الشغل اليوم، وهي تسعى دوما لرصد كل ما هو جديد ورفع مستوى التكوين في جميع المؤسسات قصد مسايرة التطورات الراهنة في عالم الشغل في العالم وهي على اتصال دائم مع الجامعات ومعاهد التكوين العالمية، وقد تم فتح إلى حد الآن 52 مركز تكوين منتشرة عبر كل ولايات الوطن، خمسة منها موجودة على مستوى العاصمة و42 منها موزعة على التراب الوطني، أما عن عدد المسجلين فيها فان عددهم بلغ أكثر من 120 ألف طالب وهو في تزايد مستمر، ففي السابق كان يشترط على المرشح ان يكون عاملا في إحدى القطاعات الخاصة أو العمومية وأن يكون سنه من 24 فما فوق وهذان شرطان أساسيان للالتحاق بهذه الجامعة، وخلال العشرية الحمراء قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التخلي عن هذين الشرطين وجعلت الجامعة قطبا مفتوحا لكل شخص لديه مستوى الثالثة ثانوي في كل الفروع أو شهادة البكالوريا أو تقني سامي في تخصص معين. وهل فعلا حققت النتائج المرجوة ؟ - بصفتي مدير دراسات لهذه الجامعة أؤكد أن هذه الجامعة منذ أن تأسست إلى غاية اللحظة قد أعطت دفعا قويا لعجلة التنمية الاقتصادية في الجزائر وساهمت بشكل كبير بالإتيان مستجدات لسوق الشغل المعاصر والذي يحتاج إلى تقنية وآليات حديثة في مجال التعليم والتكوين المتواصل وإدخاله إلى الساحة التعليمية الجزائرية، خاصة أن العالم في حركة لا تهدأ، لذا وسعيا منا إلى التنقيب المستمر والبحث على كل جديد، حيث تخرج من هذه الجامعة الآلاف من هذه الطلبة الذين تم تكوينهم وتمكنوا من إحراز نتائج جيدة في كل المؤسسات التي تم استقبالهم فيها داخل وخارج الوطن، ومن خلال المؤسسات المصغرة التي أنشأها البعض ممن تخرج من هذه الجامعة. لكن خريجي هذه الجامعة يشتكون اليوم عدم مصداقية الشهادة التي تحصلوا عليها باعتبار أنها غير معترف بها في الوظيف العمومي ؟ - عدم مصداقية هذه الشهادة ليس مشكل جامعة التكوين المتواصل، إنما الإشكالية تكمن في نوعية الشهادة وهي شهادة الدراسات الجامعية التطبيقية وهو مشكل مطروح على مستوى الوظيف العمومي، لأن الأخير له أولويات وتوجهات خاصة، ولا يمكن لنا أن نفرض على هذه الهيئة خلق مناصب شغل حسب الشهادة التي تمنحها هذه الجامعة، فالمسألة هي مسألة الأولويات فقط، ضف إلى ذلك فإن جميع الفروع التي فتحتها الجامعة لها صداها في المؤسسات الاقتصادية في القطاع الخاص بالجزائر، كما أنه يوجد عديد من الطلبة الذين زاولوا دراستهم بهذه الجامعة استطاعوا فرض أنفسهم في سوق العمالة الجزائرية بشقيها العمومي والخاص، كما يوجد منهم من التحق بالجامعات والمعاهد العالمية بغية مواصلة دراستهم فيها وقد وفقوا في ذلك إلى حد كبير، وهذا ما يؤكد صلاحية هذه الجامعة ومصداقيتها مثلها مثل الجامعة العادية دون جدال فهي تعمل تحت ولاء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ولها أصولها وقواعدها الأساسية، كما أن الإشكالية التي وقع فيها معظم الطلبة المتخرجون أنهم يتجهون مباشرة إلى الوظيف العمومي في حين توجد فرص العمل خارج إطار جهاز الوظيف العمومي، رغم أن هذا الأخير قد اعتمد بعض تخصصات جامعة التكوين المتواصل لكن يبقى البعض الآخر قيد الدراسة. ربما هذا الخلط يعود حسب البعض إلى عدم توفر هذه الجامعة على مقاييس ومعايير الجامعة العادية؟ - هذا الكلام لا أساس له من الصحة، فالأداء البيداغوجي جيد والحمد لله والدليل على ذلك مستوى الطلبة المسجلين بها سواء على مستوى التحضيري أو على مستوى التدرج، علما أن الجامعة قد أبرمت عقودا مع دكاترة في جميع التوجهات والذين لهم كفاءة مهنية معتبرة لضمان تأطير جيد للطلبة، ولو سارت كل البلدان على نفس المنوال الذي سارت عليه الجزائر لما وجد مجال للانحطاط أبدا، فكل شيء مدروس وعلى مايرام، ولوكان مستوى الجامعة ضعيفا لما أبرمت الجامعة عقودا واتفاقيات مع عديد من الوزارات من أجل رسكلة وإعادة تأهيل مستوى عمالها منها وزارة التربية الوطنية والبرنامج ساري المفعول إلى غاية سنة 2018، كما وقعنا أيضا إتفاقية مع وزارة التكوين والتعليم المهنيين حيث بلغ عدد المعنيين به 1541 أستاذ، كما كونا ما يزيد على 3000 قاض في اللغة الإنجليزية والإعلام الآلي بالإضافة إلى رؤساء البلديات. وحرصا منها على إصلاح المجتمع الجزائري سعت جامعة التكوين المتواصل على غرار الجامعة الكلاسيكية إلى عقد اتفاقية مع وزارة العدل من أجل تكوين نزلائها قصد مساعداتهم حتى يتم إدماجهم اجتماعيا فور استكمال مدة عقوبتهم، لأن القرن الواحد والعشرين هو قرن التكوين وإعادة تأهيل عمال المؤسسات من أولويات هذه الجامعة. معنى ذلك لا يوجد حل لهذه الإشكالية والطالب يدفع مبلغا ماليا سنويا من أجل الحصول على شهادة محترمة؟ - أولا ما يدفعه الطالب لا يساوي شيئا أمام ما تقدمه له هذه الجامعة، كما أنني لم أمسك الطالب من يده وأرغمته على التسجيل في جامعة التكوين المتواصل وهو حر فيما اختار، ما أعنيه أنه لا يمكن ربط الجامعة بالطالب الذي يحضر لنيل شهادة الدراسات الجامعية التطبيقية، بل هناك اهتمام وطني آخر فيستحسن لنا أن نربطها بمدى التطور الإداري والإقتصادي للمؤسسات الاقتصادية على مستوى هيئات عليا. كيف ترد على مسؤولي المكتبات الجامعية العادية التي ترفض إعارة الكتب لكل حامل بطاقة جامعة المتواصل؟ - أبدا هناك تعليمة تنص على كل المنشآت التعليمية أن تفسح المجال لطلبة المسجلين في هذه الجامعة في مجال إعارة الكتب والمراجع والوثائق اللازمة، وفي حالة رفض أي مسؤول مكتبة التابع لأية جامعة فباب مكتبي مفتوح على مصراعيه أمام طلبة جامعة التكوين المتواصل خاصة وأنهم لا يتوفرون على هيئة تنظر في شؤونهم كما هو الحال بالنسبة لطلبة الجامعة العادية وأنا على استعداد استقبال الطلبة والاستماع إلى انشغالاتهم ومشاكلهم، كما أذكر أعزائي الطلبة أنني أتابع كل رسائلهم التي يبعثون بها عن طريق البريد الإلكتروني الخاص بالجامعة وأعدهم بايجاد كل الحلول اللازمة في حينها. المتتبع لبرامج تلفزة جامعة التكوين المتواصل يلاحظ أنها لا تهتم إلا بطلبة الجامعة الكلاسيكية فقط عوض الحديث عن انشغالات الطالب بجامعة التكوين المتواصل المثقلة بالمعاناة؟ - أنا لا أشاطرك الرأي فالبرامج التي تبث سواء عبر أمواج إذاعة او تلفزة التكوين المتواصل موجهة لجميع الطلبة دون استثناء لأنه لا فرق عندي بين طالب جامعة التكوين المتواصل وبين طالب الجامعة العادية ما دامت الفائدة معممة على الجميع، انطلاقا من شعارها '' .........'' فهدفنا إفادة الكل، كما أن طلبة المتواصل متكفل بهم من جميع النواحي ولا ينقصهم شيء، حيث تقدم لهم دروس ثرية بالمعلومات وعلى رفيع المستوى. ما هي آفاق الجامعة؟ - هناك آفاق واردة جد مهمة هي في مستوى طموحات الشعب والدولة الجزائرية، ونحن بصدد الإشراف على تخرج أول دفعة في الجزائر في تكوين ما بعد التدرج المتخصص في فرع ''حكامة مؤسسة الذكاء الإقتصادي '' خلال شهر ديسمبر ,2008 كما توجد آفاق جديدة في المستقبل القريب.