تشهد أسوابق بيع مواد التجميل المقلدة في الجزائر، مؤخرا، اتساعا كبيرا، الأمر الذي جعل العديد من النساء يتهافتن على اقتنائها بالنظر لأسعارها المعقولة والمغرية، متجاهلات بذلك الأخطار التي يمكن أن تنجم وتؤثر سلبا على صحتهن وهذا رغم التحذيرات المستمرة من طرف المختصين التي تدعو إلى اتخاذ الاحتياطات الضرورية عند استعمال مثل تلك المواد الحساسة. عكس ما كان موجودا في أسواقنا الجزائرية من أنواع محددة لمواد التجميل المستوردة من موطنها الأصلي والتي كانت تتميز بارتفاع أسعارها وبمحدودية اقتنائها من طرف النساء، ظهرت في الآونة الأخيرة وبفعل اتساع عملية الاستيراد وخاصة من الدول الآسيوية كالصين مستحضرات تجميل مقلدة تحمل ماركات عالمية مشهورة ولها تجربة رائدة في صنع هذه المواد وأصبحت تنافس الأصلية وتجعل الزبونات يتسابقن من أجل شرائها وبكميات كبيرة كبديل لهن من تلك المواد الباهظة الثمن. فأسعار هذه السلع التي استحوذت على حصة الأسد من حجم التجارة وعلى الإقبال المتزايد من طرف السيدات، تعتبر في متناولهن ولا سيما أنه يمكن لأية زبونة وبمبلغ زهيد الحصول على النوع الذي تحتاج إليه سواء كان أحمر شفاه أو ممشط الرموش أو غيرها من المستحضرات فليس مهما بالنسبة لهن معرفة إن كانت أصلية أو مقلدة طالما أن أسعارها لا تعد باهظة وبوسعهن اقتناء جميع الألوان والأشكال بنصف المبلغ الذي قد يدفعنه عند شراء مواد التجميل ذات الأسعار الباهظة. وما يزيد من اقتناعهن ورغبتهن في الشراء هو تلاعب صانعي تلك المستحضرات في وضع تلك العلامات والماركات المشهورة مثل ''لرويال'' كطريقة لتسويق منتوجاتهم وهو الفخ الذي تقع فيه العديد من الزبونات اللواتي يغريهن ما هو معروض من سلع مقلدة ويعتقدن بأنها فعلا أصلية ليسارعن إلى اقتنائها دون تردد خصوصا عندما يجدن بأن ثمنها غير مكلف وهي تحمل نفس العلامة التجارية العالمية التي يتم الإعلان عنها عبر مختلف القنوات الفضائية العربية أو الأجنبية والتي يكون أبطالها شخصيات محببة إليهن، ومن هنا يصير همهن الوحيد هو التفتيش عن كل الطرق الممكنة التي تمنحهن الجمال، وهو ما يتم عن طريق اقتنائهن لتلك المواد التجميلية دون إدراك منهن للنتائج الوخيمة التي قد تقع جراء بحثهن عن الجمع بين انخفاض الأسعار وبين الحصول على الماركات العالمية المشهورة. انتشار البيع العشوائي لمواد التجميل! تحول بيع مستحضرات التجميل إلى فضاء للاسترزاق من طرف العديد من الباعة، حيث لم تعد حكرا فقط على المختصين في هذا المجال الذين يمكنهم تقديم جميع التوضيحات والنصائح المتعلقة بطرق الاستعمال للزبونات، بل أصبح كل من يرغب في ربح المال يتخذ من طاولة ومن بعض السلع تجارة له. فالمتجول عبر العديد من الأسواق في العاصمة يشد انتباهه انتشار البيع العشوائي لمختلف مواد التجميل كالفطريات. فلا يخلو مكان من بائع يبسط ما يملكه من مواد وبأسعار مغرية، يعمل على الترويج لسلعته عن طريق التأثير في نفسية النسوة بواسطة ذكر أسماء تلك الماركات الشائعة في العالم وهذا مقابل مبلغ لا يتجاوز 100 دج للقطعة الواحدة، ولأن ارتفاع أسعارها في المحلات الخاصة ببيع العطور ومواد التجميل تشكل عائقا دون تمكنهن من شرائها فإن عزاءهن هو التوجه عند هؤلاء الباعة، حيث يسهل عليهن الحصول على كل ما يحتجن إليه لاسيما من لا تسمح لهن ميزانيتهن بدفع مبالغ كبيرة. فلا يخفى على أحد منا أن هذه التجارة غير المنظمة التي صارت ممارسة من طرف الصغار والكبار والتي أضحت تهدد صحة كل من تستعمل إحدى تلك المواد، باتت تعرف تزايدا مستمرا نظرا لتهافت النساء عليها. فأثناء مرورك على أحد الباعة سرعان ما ترى حشدا من الزبونات وهن ملتفات حول طاولته وكل واحدة منهن تحمل بين يديها نوعا من المستحضرات وتقوم بتجربته ثم تقتنيه مباشرة بعد أن تستفسر عن ثمنه الذي تجده في متناولها، تاركة خلفها ما تبقى من النسوة بين سيدات وشابات يكملن عملية اختيارهن التي تتنوع. فواحدة ترغب في شراء ملون للأظافر وأخرى ملون للجفون وغيرها ملطف للبشرة لدرجة أنهن يستغرقن مدة تفوق 10 دقائق بين حمل سلعة وترك أخرى حتى يسعهن الاطلاع على كل ما هو معرض فوق تلك الطاولة، وهي عملية تتكرر في كل مرة تذهب فيها إحدى تلك النسوة إلى السوق أو الخروج في نزهة فلا يمكنها العودة إلى البيت إلا ومعها ولو مادة تجميلية واحدة. الظاهرة هذه نقف عليها يوميا في العديد من الأسواق الشعبية والأحياء المعروفة في العاصمة، فالمتوجه إلى السوق المغطاة بساحة الشهداء، يقع نظره حتما على تلك الطريقة التي تباع بها مستحضرات التجميل. ففي هذا المكان يتفنن الباعة في عرض سلعهم التي تعتبر أسعارها جد معقولة إلا أن شكلها وافتقارها لعلامة تميزها يفتح المجال لطرح التساؤل عن مصدرها وعن مدى صلاحيتها للاستعمال ويثير قضية تعريض الزبونات المتهافتات عليها لأخطار صحية، وإذا ما اقتربت من تلك السلع سرعان ما ينفر قلبك منها وذلك بسبب عدم امتلاكها للمواصفات المعمول بها تجاريا سواء من حيث كيفية وضعها للبيع والتي تتم في ظروف غير قانونية لخلوها من تاريخ نهاية الصلاحية وبقائها معرضة لمدة طويلة تحت أشعة الشمس، الأمر الذي من شأنه جعل الكثير من المواد التجميلية عرضة للفساد أو ممارستها من طرف أشخاص ليس لهم علاقة بهذا النوع من التجارة إذ لا يعتبرون مؤهلين للقيام بذلك، نظرا لعدم قابليتهم لإسداء نصائح لمستعملات تلك المستحضرات. ر. ع