لم تعد الجزائر في منأى عن الظواهر الاجتماعية التي تمس الطفل وحقوقه المدنية، بعد أن عبرت هيئات عاملة في مجال الطفولة عن قلقها من تنامي العنف ضد الأطفال، متمثلا بنحو ثلاثة آلاف طفل تعرضوا للاعتداءات الجسمية، والاختطاف، والاغتصاب العام الماضي، وفقا لإحصاءات أجهزة الأمن في البلاد. كشفت دراسات متخصصة بواقع الطفل في الجزائر لسنة 2009 تسجيل ارتفاع كبير لعدد الحالات التي كان فيها الطفل عرضة لكل أنواع التعدي على حقوقه، بالإضافة إلى تحوله من ضحية إلى مجرم. وأظهرت دراسات تعرض أكثر من ثلاثة آلاف طفل لحالة خطر جسدي أو معنوي على مستوى البلاد، واغتصاب 850 طفل، بينما تبين وجود نحو 20 ألف طفل يعيشون في الشارع، حسب إحصاءات الشرطة القضائية. وقال مسؤول أمني ل''سي أن أن'' إن أكثر من 3124 حالة لأطفال تعرضوا لخطر جسدي ومعنوي على مستوى كل ولايات الجزائر، أغلبها خلال عشر أشهر من سنة ,2009 منهم 2165 من الذكور، و1059 إناث''. ورغم أن المسؤول قال إن السلطات الأمنية أوقفت ''عددا كبيرا من الأطفال وجدتهم في وضع خطر قبل ارتكاب جنح أو أن يصبحوا ضحايا لأي خطر''، إلا أن الظاهرة كما تكشف تقارير، تبعث على القلق. ولفت المسؤول إلى أن الأسباب التي تدفع بالأطفال إلى الهروب من منازلهم، كثيرة ومتعددة، كتعرضهم لمعاملة سيئة أو اعتداءات جنسية أو غيرها من طرف أوليائهم أو الجيران أو حتى الغرباء'' وقد تم إرجاع 2370 طفل إلى أوليائهم، فيما تم وضع 618 طفل في مراكز بعد أن تم عرضهم على قضاة الأحداث، حيث إن الشرطة تعمل بالتنسيق مع هؤلاء القضاة لدراسة ما يمكن توفيره من حماية لهؤلاء الأطفال. من جانبها قالت السيدة جعفر، رئيسة قسم حماية الطفولة والأمومة في المستشفى الجامعي، إن ''عددا كبيرا من الأطفال يأتون إلى العيادة برفقة أوليائهم ليتم فحصهم وتقديم تقرير خاص يتم رفعه للسلطات الأمنية لمتابعة الجاني، وهي أمور أو أسرار تبقى غير قابلة للنشر عندنا، لأننا نعرف طبيعة المجتمع الجزائري الذي لا يزال محافظا. أما الدكتورة حسناء، رئيسة جمعية ''الأمل للطفولة''، فقالت إن ''التقارير التي تصلنا والخاصة بحالات الاغتصاب التي تمس الأطفال، تحصي عددا لا يعكس الواقع طالما أن الظاهرة تعد من بين المسكوت عنه في المجتمع الجزائري المحافظ''. ومعاناة الأطفال بالجزائر لا تتمثل في العنف فقط، مثلما أكدت تقارير، بل حتى الممارسة اليومية لأوليائهم معهم، ويتعلق الأمر بما يسمى بعمالة الأطفال، إذ يؤكد مختصون أن الأرقام المتوفرة حول الظاهرة مخيفة، لأطفال دخلوا عالم العمل مبكرا، 30 ألف طفل يعملون، وألفان منهم يعيشون في الخلاء، خمسة آلاف لفظتهم المدارس إلى الشارع.