ينطوي طرح الثقة بحكومة رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني في البرلمان على مجازفة كبرى، إذ أن حجب الثقة عنها نزولا عن طلب معارضيه وفي طليعتهم حليفه السابق جيانفرانكو فيني سيسقط حكومته بعد سنتين ونصف السنة من توليها السلطة. ويسيطر قدر كبير من الغموض على نتائج التصويت المحتملة، ما جعل الرئيس جورجيو نابوليتانو الذي لا يتولى اي مهام تنفيذية غير انه يلعب دورا أساسيا في حال قيام أزمة، يقول ممازحا ان ''وحده من يملك كرة من البلور'' يمكنه التكهن بنتيجة التصويت. والقي برلوسكوني خطابا أمس الاثنين في مجلس الشيوخ ثم في مجلس النواب، وعند ظهر اليوم الثلاثاء، يصوت مجلس الشيوخ على طلب دعم للحكومة فيما يصوت مجلس النواب بشكل شبه متزامن على مذكرتين بحجب الثقة عنها. وفي مجلس الشيوخ، يحظى حزب برلوسكوني ''شعب الحرية'' وحليفه حزب رابطة الشمال بغالبية متينة، في حين توعد فيني والنواب ال35 الذين انضموا إليه في تمرده على رئيس الوزراء بالتصويت على مذكرة حجب الثقة الذي طرحها الوسطيون بزعامة بيار فرديناندو كاسيني، ما سيجعل فريق برلوسكوني أقلية. وأوضح جياكومو ماراماو أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة روما الثالثة انه ''اذا وفى المعارضون اليساريون ''الحزب الديموقراطي وحزب ايطاليا القيم'' والوسطيون والمستقبليون ''حول فيني'' بوعودهم، فسوف تبدأ مرحلة جديدة يعود لرئيس الدولة حصرا تحديد سيناريو لها مثلما ينص عليه الدستور''. ويطلق المعلقون التكهنات حول عدد النواب الذين سيصوتون مع برلوسكوني او ضده، معتبرين ان الفارق قد يقتصر على صوت واحد يرجح كفة الغالبية. ويعتبر في هذا السياق عشرة نواب بينهم الراديكاليون الستة بزعامة ماركو بانيلا مترددين بين الخيارين. وفي هذه الأثناء يواصل الطرفان تعبئة أنصارهما. ونظم الحزب الديموقراطي تظاهرات في روما شارك فيها عشرات الآلاف ''لتوجيه رسالة ثقة وتغيير الى ايطاليا'' بحسب الأمين العام للحزب بيار لويجي بيرساني. وأضاف ''لا يمكن ان نستمر على هذا النحو، يجب ان يعود برلوسكوني الى منزله''. وندد بيرساني وفيني بمحاولات قام بها معسكر برلوسكوني لرشوة نواب ورفع القاضي السابق انتونيو دي بييترو زعيم حزب ايطاليا القيم شكوى بهذا الشأن وفتح تحقيق في روما حول شبهات ب''شراء'' نواب. وان كان برلوسكوني اقر مؤخرا انه سيتحتم عليه ذات يوم التنازل عن منصبه لشخص ''اكثر شبابا''، الا انه يواصل حملة شديدة وقد نظم تجمعات بهدف عرض قوته، وهو يردد يوميا انه واثق من جمع الأصوات الضرورية للبقاء في السلطة ''حتى نهاية ولايته'' عام .2013 وخلافا لما جرى قبل التصويت على الثقة في 29 سبتمبر، لا يبدو من الممكن قيام اي وساطة بين برلوسكوني وحليفه السابق فيني. ويبدو فيني ''58 عاما'' مقتنعا بان الوقت حان لانتقال السلطة وهو لا ينوي إطلاقا التصالح مع برلوسكوني وقد نأى بنفسه عنه خلال الصيف بخروجه من صفوف حزب شعب الحرية. وفي حال حجب الثقة عن حكومة برلوسكوني لا يدري معارضوه ماذا سيفعلون في اليوم التالي، إذ ان المعارضة غير جاهزة لانتخابات تشريعية مبكرة قبل موعدها في 2013 لانها مشتتة ولا تملك زعيما يتمتع بشعبية. ولا يمكن لفيني اتخاذ اي خيار وحيدا اذ لا يمثل أنصاره سوى 7 او 8٪، في حين يبقى التحالف قويا بين حزب شعب الحرية ورابطة الشمال.وعندها تكون الكرة في ملعب الرئيس الذي اعلن تمسكه باستقرار البلاد في ظل ازمة اليورو. وامام نابوليتانو عدة خيارات بين تشكيل حكومة مدعومة من غالبية جديدة او التجديد لبرلوسكوني مع ائتلاف موسع او حل البرلمان وتنظيم انتخابات.