على امتداد أسبوع سيصوت السودانيون في استفتاء يوصف بالتاريخي، يتحدد على ضوء نتائجه مصير الإقليم وفق ما نص عليه اتفاق نيفاشا الموقع بين الخرطوم وحركة تحرير السودان الجنوبية عام ,2005 ومن دون أدنى شك سيضع هذا الاستفتاء بلاد النيلين في مفترق طرق خطير وحساس، وسيجعل البلد الغني بمقدراته وإمكانياته الطبيعية في مرحلة بالغة الدقة من تاريخه الحديث، خاصة لكونه مستهدفا من قوى خارجية لطالما روجت لفكرة التقسيم والانفصال، ضمن مخطط مرسوم بدقة لتفتيت العالم العربي وتقسيمه اعتمادا على فكرة تجزيء المجزأ وتفتيت المفتت، مستخدمين ذريعة الطائفية أو العرقية. وعليه ليس من الغريب أبدا هذه الحماسة الأميركية - الغربية تجاه الاستعجال بتقسيم السودان واختراع الذرائع الواهية لتحقيق مآرب خفية، ما دام الموضوع برمته يتعلق بشأن عربي، فرغم كل الجهود التي بذلت لتزيين انفصال الجنوب السوداني بعبارات تنميقية، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار أنها تتم ضمن خطط مفبركة تهدف إلى خدمة التقسيم، وهو بحد ذاته مؤشر خطير على مستقبل بنية الأمة والنظام العربي كله، ودفعه نحو المزيد من انفراط العقد، والتفرق العربي. اليوم تقرر لجنوب السودان أن يكون حرا، وفي الغد القريب قد يحين الدور على إقليم دارفور، فالأمر لا يحتاج إلى كاهن أو عرافة غجرية محترفة للتنبؤ بذلك، لأن النوايا تتحدث عن نفسها جهارا نهارا، بمعنى أن الانقسام الثاني في السودان بعد الجنوب سيكون سلخ دارفور لأن موجبات انفصال الجنوب هي ذاتها التي تنطبق على دارفور. وبعد غدٍ لا أحد يعرف ماذا تقرّر في مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي حددته الولاياتالمتحدة لمستقبل المنطقة العربية، والخطورة في كل هذا المشهد السياسي، أن العالم العربي بات منزوعا الإرادة وفاقدا للقدرة على المجابهة وعاجزا على رفض السيناريوهات التي تحاك من الخارج، مع أن ما يحدث للسودان سوى مقدمة وحلقة لمسلسل سيطول عرضه..