تؤدي الإصابات غير المتعمدة أو العارضة إلى وفاة أكثر من ألفي طفل كل يوم وإحالة عشرات الملايين من الأطفال الآخرين، كل عام، إلى المستشفيات في جميع أنحاء العالم، كما تتسبب، في كثير من الأحيان، في حدوث حالات عجز تدوم مدى الحياة. ويشير تقرير جديد صدر عن منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، إلى إمكانية إنقاذ ألف طفل كل يوم على الأقل إذا ما أقدمت جميع البلدان على اعتماد تدابير الوقاية التي ثبتت فعاليتها، وتشمل تلك التدابير قوانين بشأن أحزمة المقاعد والخوذات الواقية المناسبة للأطفال، وإتاحة إمكانية تحديد درجة حرارة مياه الحنفيات، واستحداث أقفال لقارورات الأدوية لا يمكن للأطفال فتحها. وإلى جانب الوفيات السنوية المقدرة بنحو 830 ألف حالة وفاة، ملايين الأطفال الذين يعانون من إصابات غير مميتة تقتضي، في غالب الأحيان، مكوثهم في المستشفيات لفترات طويلة وتأهيلهم ومن شأن التكاليف المرتبطة بهذا النوع من العلاج دفع أسرة بأكملها إلى هاوية الفقر. ويواجه أطفال الأسر والمجتمعات المحلية الفقيرة، أكثر من غيرهم، مخاطر التعرض للإصابات لأنهم أقل حظا من غيرهم في الاستفادة من برامج الوقاية والخدمات الصحية عالية الجودة ووجد التقرير، والذي يعد ثمرة تعاون بين أكثر من 180 خبيراً من جميع مناطق العالم، أنّ إفريقيا تشهد أعلى معدل فيما يخص الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمدة، حيث يفوق المعدل المسجل في أفريقيا عشرة أضعاف المعدلات المسجلة في البلدان مرتفعة الدخل. ويبيِّن هذا التقرير أنّ الإصابات غير المتعمدة هي من الأسباب الرئيسة لوفاة الأطفال الذين تتجاوز أعمارهم9 سنوات، وأنّ 95 في المائة من تلك الإصابات تحدث في البلدان النامية، بما يفرض بذل المزيد من الجهود لاتقاء هذا الضرر الذي يلحق بالأطفال، غير أنّ التقرير يشير إلى أنه على الرغم من تمكن العديد من البلدان المرتفعة الدخل من تخفيض الوفيات الناجمة عن إصابات الأطفال بنسبة ناهزت 50 في المائة على مدى السنوات الثلاثين الماضية؛ فإنّ هذه القضية مازالت تمثل مشكلة بالنسبة لتلك البلدان، إذ ماتزال الإصابات غير المتعمدة تتسبب في وقوع 40 في المائة من مجموع وفيات الأطفال في تلك البلدان والأسباب الخمسة الرئيسة التي حددها التقرير كعوامل تقف وراء حدوث الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمدة كل عام، هي حوادث المرور حيث تؤدي هذه الحوادث إلى وفاة 260 ألف طفل وإصابة نحو 10 ملايين طفل، والغرق الذي يؤدي إلى وفاة أكثر من 175 ألف طفل، والحروق التي تؤدي إلى وفاة نحو 96 ألف طفل، وحالات السقوط حيث يتعرض نحو 47 ألف طفل لحالات سقوط تودي بحياتهم، والتسمم الذي يؤدي إلى وفاة أكثر من 45 ألف طفل. وقال الدكتور إيتيين كروغ، مدير إدارة الوقاية من الإصابات والعنف وتدبير حالات العجز بمنظمة الصحة العالمية، ''عندما يتعرض أحد الأطفال للتشوه بسبب حادثة حرق أو للشلل بسبب حادثة سقوط أو لاضطراب دماغي بسبب حادثة غرق أوشكت أن تودي بحياته، أو لصدمة نفسية بسبب حادثة خطيرة من هذا القبيل، فإنّ عواقب ذلك قد تدوم طيلة حياته''. وأضاف كروغ قائلاً، تلك الحوادث المأساوية لا داعي لها إطلاقاً، وفي حوزتنا الآن كمية كافية من التدابير التي أثبتت فعاليتها في هذا الميدان وينبغي تنفيذ مجموعة معروفة من برامج الوقاية في كل البلدان، وفق تقديره ويسلط التقرير الأضواء على الآثار التي يمكن أن تحدثها تدابير الوقاية التي أثبتت فعاليتها مثل الفصل بين ممرات الدراجات والدراجات النارية وممرات المركبات الأخرى، وتفريغ المياه التي لا حاجة إليها من الحمامات، وإعادة تصميم أجهزة دور الحضانة واللعب والمعدات الموجودة في ساحات اللهو الخاصة بالأطفال، وتعزيز خدمات الرعاية الطبية الطارئة وخدمات التأهيل.