يتميز شهر رمضان شهر العبادة و العمل عن غيره من الشهور،ففيه تزداد شهية الصائم إلى الطعام و بالتالي تضطر المرأة إلى بذل جهد أكبر لإعداد الفطور و أطباق متنوعة تزين بها المائدة الرمضانية،ناهيك عن المرأة العاملة التي تحاول جاهدة التوفيق بين العمل و وواجباتها المنزلية و أداء العبادة في آن واحد،ففيهن من توفق في تحقيق هذه المعادلة الصعبة و من تجد العطلة الرمضانية حلا لهذه المعادلة. و تزامنا و شهر رمضان الكريم و مع تزايد الأعباء المنزلية لتحضير سيدة المائدة الرمضانية قبل وقت الإفطار،اقتربت يومية "الاتحاد" من بعض الجزائريات العاملات فيهن المتزوجات و العازبات، أثناء تنقلهن إلى عملهن سواء في مؤسسات عمومية أو خاصة،خلال جولتها الاستطلاعية في بعض من أحياء العاصمة و رصدت بعض من يومياتهن الرمضانية . ..هناك من أخفقن في تحقيق المعادلة "تكذب عليك اللي تقولك تخدم فالدار أوبرا أوماتعياش..اللي تقعد فالدار تعيا و ما بالك الخدامة منهدروش عليها..منطيبش كل يوم نعيا بزاف.."،هذا ما بدأت حديثها "كريمة" أم لثلاثة أولاد مع يومية "الاتحاد" ، كانت حينها الساعة الرابعة مساءا عندما التقينا بها أثناء عودتها من عملها و هي تتنقل بخطى سريعة،و عن سبب هرولتها صرحت لنا أنها على موعد مع المطبخ بعد نصف ساعة من الزمن،فهي تعمل موظفة إدارية بمؤسسة خاصة يجبرهم فيها مديرها الخروج على الساعة الرابعة مساءا،و تضيف:"و تعرفي الوقت إيجوز بالخف في رمضان.."،ما دفع ب"كريمة" على حسب قولها إلى إعداد الفطور بكمية كبيرة تكفي ليومين أو ثلاثة أيام.."خاصة طبق الشوربة و البوراك و هي أطباق لا تستغني عنها المائدة الرمضانية طيلة الشهر الفضيل،أما الطبق الثاني تقول ذات المتحدثة أنها غالبا ما تضطر لإعداد أطباق خفيفة لا تأخذ الكثير من الوقت،و عن فترة ما بعد الإفطار تقول "كريمة" أنها تكون في حالة يرثى لها من التعب،خاصة و أنها لا تتلقى أي مساعدة كونها تعيش في بيت مستقل عن أهل زوجها و بنتها لا تتعدى الخمس سنوات،و تضيف أنها لا تجد وقتا كافيا لقراءة القرآن و تكتفي بأداء صلاة التراويح في البيت،و تشاطرها "سعاد" الرأي فهي تعمل كصحفية في جريدة وطنية،و تقول أن فترة رمضان هي الأصعب فترة عندها فصعب على حسب رأيها التوفيق بين العمل و الواجبات المنزلية ،التي تتطلب وقتا كبيرا لإعداد أطباق كثيرة،هي معاناة تتقاسمها النساء العاملات خاصة في شهر العمل و العبادة و الرحمة. ..فامتنعن عن زيارة الأقارب كثيرات من أمثال كريمة و سعاد اللاتي وجدن مشقة كبيرة في التوفيق بين العمل خارج البيت و الواجبات المنزلية في شهر رمضان،فضغط العمل خلال يوم طويل من الصوم و بعدها الالتحاق بالمطبخ لتحضير مختلف أشكال أطباق المائدة الرمضانية، خاصة و تزامن الشهر الفضيل مع موسم الصيف الحار،حيث تضطر الكثير من العاملات إلى الاستغناء عن السهرات الرمضانية و زيارة الأقارب و الأصدقاء التي تضيف جوا مميزا لشهر رمضان،هذا ما تأكده "سهيلة" من بئر خادم التي كانت حسب تصريحها ليومية "الاتحاد" أنها قبل التحاقها بعملها كموظفة بمؤسسة عمومية،كانت لا يكاد يمر عليها يوم من أيام رمضان إلا و زارت بيت من أقاربها أو أهلها:"الخدمة حرمتني مالسهرة..كنت يا منرقدش حتى وقت الفجر.."،فتعب و إرهاق العمل دفع ب"سهيلة" إلى المكوث في بيتها والخلود للنوم في وقت مبكر،و في نفس الصدد تضيف "شيماء" عاملة بعيادة خاصة بالقبة:"زيارة الأهل و الأقارب حاجة مليحة في رمضان مي واحدة خدامة متقدرش تسهر كل يوم أو تنوض بكري.."،فهي تفضل السهر و زيارة الأقارب في العطلة الأسبوعية التي تستغلها معظم العاملات في السهر و النوم بعيدا عن روتين العمل و تعبه. ..و عن صلاة التراويح تعرف المساجد توافدا كبيرا من قبل الجنس اللطيف خاصة خلال الشهر الفضيل لأداء صلاة التراويح ،إلا أن بعض الموظفات ممن التقت بهن يومية "الاتحاد" في شارع حسيبة بالعاصمة،أجمعن أنهن يكتفين بأداء صلاة التراويح داخل بيوتهن للتفرغ لأداء واجباتهن المنزلية التي عجزن عن القيام بها أثناء النهار بسبب العمل،هذا ما صرحت به "نصيرة" موظفة و أم لولدين خلال دردشتها:"منقدرش نروح للجامع قيس ما نخمل الدار أو نوجد روحي للغد منذاك.."و تضيف "لبنة" أن عملها المتعب دفعها للعزوف عن أداء صلاة التراويح بعد أن كانت تداوم عليها في السنوات الماضية من شهر الرحمة و التوبة و الغفران. ..نساء وفقن بين العمل و الأعباء المنزلية و من الجنس اللطيف من تحدين مشقة الصوم و العمل،و وفقن بين وظيفتهن و واجباتهن المنزلية خلال رمضان الذي يعرف بشهر العمل و العبادة،و من بين هؤلاء "أمال" و التي تعمل كطبيبة أسنان من بئر خادم،أكدت ليومية "الاتحاد" أن عملها في عيادتها الخاصة لم يمنعها من قضاء يومياتها الرمضانية بشكل عادي،حيث تغلق عيادتها على الساعة الثالثة مساءا و بعدها تقتحم المطبخ بكل نشاط و حيوية بعد قيلولة تدوم نصف ساعة من الزمن،فهي تحضر ما لذ و طاب من الطعام من أطباق تقليدية و عصرية مثلها مثل المرأة الماكثة بالبيت،و في المساء تتبادل زياراتها مع الزملاء و الأصدقاء،فعلى حسب رأيها العمل لا يشكل عائقا على أداء الواجبات المنزلية،:"الكوزينة في رمضان تنحي التعب و التفنيين،المرأة فيها تولي كالنحلة كل طبق دير شوية منو.."،لقد لمحنا في شخصيتها ربة بيت ممتازة قبل أن تكون طبيبة أسنان محترفة،هكذا افترقنا مع "أمال" و كلها حيوية و نشاط محققة معادلة التوفيق بين العمل و العبادة و الواجبات المنزلية في وقت فشلت في تحقيقها الكثيرات ممن التقت معهن يومية "الاتحاد".