بالرغم من تدهور الأمن على الشريط الحدودي الجزائري نتيجة للفوضى العارمة التي تعيشها البلدان المجاورة التي باءت الآن تتخبط فيما أنجزت أيديها، إلا أن الوضع الأمني في الجزائر يعرف حالة من الاستقرار بفضل الجهود التي تبدلها السلطات الجزائرية للحفاظ عليها و كذا ضمان ديمومتها رغم كل الدسائس الخارجية التي تتعرض إليها الجزائر والتي كثرت مؤخرا. ففي البداية نجد فرنسا تحاول إغراق الجزائر في وحل صحراء افريقيا بإدخالها في حرب الرمال بالتوازي مع توليد حالة من الفوضى بإدراج أحداث "تيغنتوريين" على لوائح متابعاتها الإرهابية و بالتالي المماطلة في التفاوض مع الإرهاب، ومن جهة ثانية محاولة تقسيم الجزائر عرقيا على غرار الفتن التي شهدتها منطقة القبائل و بعد الفشل في ذلك بفضل وعي الشعب الجزائري لكل المخططات التخريبية التي تهدف زعزعة أمن البلاد، توجهت هذه الأطراف المجهولة المعلومة الى التقسيم الجغرافي كما حصل في الجنوبالجزائري مؤخرا و أحداث الصراع بين قبائل جزائرية وبالتالي إحياء فكرة استقلال الطوارق على غرار المناوشات الغريبة التي حدثت في منطقة باجي مختار الجنوبية، و لا حديث عن السموم و المخدرات المغربية التي توجه إلينا و بالأطنان و التي ترمي الى هتك و إثقال كاهل الاقتصاد الجزائري، الذي بات يعرف انتعاشا في الآونة الأخيرة في جميع القطاعات، تزامنا مع نشر الدعاية المغرضة في حق البلاد كإدراج الجزائر في كل ما يحدث من اغتيالات في تونس أو تلك الشهيرة و التي تقول "أن نفط الجزائر قد نفد، و غازها، و فوسفاتها.. و كل ثرواتها"... لكن المعلوم لدى الجزائريين و غير الجزائريين من دول العالم أن الجزائر تستحضر كل إمكاناتها المادية و المعنوية لكسر كل يد تريد التطاول على الجزائر، و المهمة سهلة بالنظر لحالة النضج التي وصل إليها السياسة الخارجية للبلاد و كذا وعي المواطن الجزائري بكل ما يدور في الوطن العربي الذي أبى أن يسمح بإدخاله عنوة و بطريقة غير مباشرة في صراعات تخدم البلدان الغربية، أكثر من قطعان الشعوب العربية المغلوبة على أمرها. فتن دخيلة على البلاد برزت في الجزائر خلال السنوات الأخيرة نزاعات ذات طابع عرقي ومذهبي، أبرزها نزاع مذهبي اندلع منذ 2007 بين أتباع المذهب المالكي وأتباع المذهب الإباضي في منطقة غردايةجنوبالجزائر، خلف قتلى وجرحى، وهي فتن خطيرة تمس الوحدة الوطنية، وتهدد النسيج الاجتماعي للمدن الجنوبية والحدودية القريبة من مناطق توتر في منطقة الساحل، خاصة أنها تحمل طابع نزاعات قبلية وعرقية، و تحكم عقلاء المنطقة في هذه الأحداث كما حدث أيضا في الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة باجي مختار و النزاع القبلي بين سكان المنطقة، و التي انتهت بتدخل أعيان المنطقة لحل المشكل ودان مجلس أعيان المنطقة في بيان "هذه الأحداث الأليمة التي تسببت في زهق الأرواح وضياع الممتلكات بهذه المنطقة التي كان أهلها مثالاً في التعايش والتسامح والتآخي"،وناشد البيان السكان "مد أيديهم لمصالحة حقيقية تجنب النفوس الشحناء وتعبد الطريق نحو إرجاع الثقة بين الأشقاء، وكذا فتح تحقيق عاجل وشامل لكشف الأيدي التي كانت وراء هذه الجريمة ووضع حد لعصابات امتهنت اللصوصية وترويع المواطنين في بيوتهم ومعاقبتهم ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه العبث بأمن المنطقة واستقرارها"، وكان مرجع ديني محلي عضو في المجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر الشيخ مولاي توهامي غيتاوي، قد دعا أمس عقلاء مدينة برج باجي مختار الحدودية إلى "التشبث بوحدة الدين والوطن، والتسامح والتآلف والتوافق والتصالح والابتعاد عن الخلاف والتنازع والتشاجر، خاصة في الوقت الذي تعيش فيه الأمة العربية والإسلامية تحديات كبرى". بالإضافة الى هذا و ذاك التعامل الحسن للسلطات الجزائرية مع هذه الأحداث مهد الطريق لحل نزاع كان من الممكن أن يهدد أمن البلاد بالنظر الى مختلف التداعيات الدولية التي توجه المجهر الى كل ما هو صغير لتضعه على واجهة الأحداث و تصب عليها الملح و الزيت و البهارات لتكون مفتاحها في تحقيق دسائسها. إحباط تهريب أسلحة ليبية ومتفجرات من تونس إلى الجزائر و المثير للجدل و القلق هو زيادة في كميات السلاح القادمة من الأراضي الليبية مرورا بالتونسية متجها الى الجزائرية، حيث أفادت السلطات الجزائرية في العديد من المرات حجز كميات معتبرة من الأسلحة الثقيلة القادمة من ليبيا، و السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تصدر الى الجزائر تلك الأسلحة؟ و لماذا لا تصدر الآن الى مصر؟، و هل هذا انتشار الفوضوي و العشوائي مقصود لضرب أمن المنطقة ككل؟ ما يمكن قوله هو أن الجزائر مستهدفة كسابقاتها من البلدان العربية التي تورطت فيما هي عاجزة عن الخروج منه، وتم استرجاع 45 قطعة سلاح منها 30 كلاشينكوف إضافة إلى مناظير عسكرية. وكانت هذه الأسلحة المحجوزة موجهة للجماعات الإرهابية بمنطقة شرق البلاد وتحديدا نحو غرب سكيكدة، أين ينشط الأمير الإرهابي "أبو لملوم" قائد كتيبة الفتح المبين التابعة لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، واعترف المتهمان التونسيان بأنهما تلقيا مبالغ مالية وكميات من المخدرات من طرف بارون لتهريب الكيف المعالج ينشط بمدينة عنابة، قصد تزويده بكميات من الأسلحة الرشاشة منها ما يوجه للجماعات الإرهابية ومنها ما يتم استعماله في عمليات التهريب التي يقوم بها المعني. وتم تفكيك هذه الشبكة عقب تلك المعلومات, يذكر أن قاضي تحقيق الغرفة الأولى لدى محكمة عنابة أودع أول أمس متهمين لانتمائهم في هذه الشبكة الدولية لتهريب الأسلحة ورشاشات كلاشينكوف ومناظير عسكرية متطورة الحبس المؤقت، فيما تواصلت التحريات مع آخرين، حول تهم تتعلق بجناية تشكيل شبكة دولية وتهريب أسلحة من ليبيا مرورا بتونس نحو الجزائر، و من جهته نفى المتحدث الرسمي باسم رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي، العقيد علي الشيخي، ما ذهب إليه تقرير أممي نشر الثلاثاء الفارط، حول انتشار أسلحة ثقيلة وخفيفة وتهريبها انطلاقا من ليبيا باتجاه 12 دولة، منها الجزائر ودول الجوار، وعبر عن قلق المجموعة الدولية من استمرار الوضع، وهو ما حذرت منه الجزائر قي وقت سابق، و قال أن الأممالمتحدة تبالغ في تخوفاتها. محاربة الإرهاب وتهريب الأسلحة عرفت الساحة السياسية في الشمال الافريقي خلال العامين الأخيرين حركية جديدة و تمثلت مساعي الضبط الأمني للمنطقة، بالنظر لما تعرفه من أحداث و تطورات خطيرة تهدد كيان المنطقة بأكملها، و كانت أخرها الزيارات التونسية و المصرية الى الجزائر لإنشاء مجموعة اتصال تشاورية أمنية، وبحث مسؤولون جزائريون ومصريون و تونسيون من أعلى المستويات سبل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والمسائل الأمنية ذات الصلة، و كان محور الاجتماعات التشاورية التي عقدت بالجزائر و التي لقيت استحسان الأطراف و كذا الترحيب باستمرار التشاور من خلال إنشاء مجموعة اتصال تشاورية لتعميق التعاون الأمني بكل أبعاده السياسية, الدبلوماسية والقضائية" وتأتي هذه الاجتماعات مع تزايد التصريحات للجماعات الارهبية ببلاد المغرب و كذا تزايد تهريب الأسلحة المنتشرة في ليبيا، و بالتوازي مع هذه اللقاءات اجتمعت قيادات عسكرية من الجانب الجزائري و التونسي لاستحداث سبل و إستراتجية لمواجهة التحديات الأمنية و على اثر هذه اللقاءات نشرت السلطات الجزائرية "أكثر من 6500 عسكري" ضمنهم قوات خاصة لتأمين الحدود مع تونس في إطار عملية مشتركة واسعة ضد متشددين إسلاميين، و كذا القيام بعمليات تمشيطية في المناطق الحدودية مساندة لجهود الجيش التونسي بنشر 10 كتائب قوات خاصة ومشاة ودرك، واتخذت هذه القوات مواقع لها بكامل عدتها القتالية مرفوقة بآليات عسكرية، لمواجهة احتمال تسلل الجماعات الإرهابية المسلحة عبر الحدود مع تونس و يعد هذا القرار الذي "اتخذ من طرف القيادات العسكرية في تونسوالجزائر يقضي لأول مرة بقيام الجيشين بعمليات مشتركة للحدود الفاصلة بين البلدية عبر إقليم ولاية تبسة والوادي بالنسبة للجزائر والقصرين ومناطق جنوبتونس بالنسبة للأراضي التونسية". ولد قابلية: صراع برج باجي مختار كان داخليا أعلن الوزير ولد قابلية سيطرة السلطات الجزائرية في الوضع في مدينة برج باجي مختار بولاية أدرار جنوبالجزائر. وقال "الأوضاع في مدينة برج باجي مختار بصدد العودة إلى مجراها الطبيعي"،و نفت السلطات الجزائرية تورط أيادٍ أجنبية في نزاع قبلي عنيف في مدينة برج باجي مختار بولاية أدرار على الحدود مع مالي جنوبالجزائر. وكانت مدينة برج باجي مختار الحدودية مع مالي قد شهدت منذ أكثر من أسبوع أحداث عنف بين عائلتين إثر محاولة أحد الأفراد سرقة إحدى المحلات التجارية، أدت إلى سقوط قتلى إلى جانب تخريب وحرق عدد من الممتلكات. و في تصريح صحافي نفى دحو ولد قابلية أول أمس، مشاركة أو تورط أيادٍ أجنبية في هذه الأحداث القبلية التي اندلعت الثلاثاء قبل الماضي بين سكان ينتمون إلى قبيلة عربية "البرابيش" وسكان ينتمون إلى قبيلة من التوارق "ايدنان"، بسبب نزاع حول مخزن كان يحوي مساعدات غذائية موجهة إلى سكان المدينة عقب فيضانات اجتاحت المدينة بداية الأسبوع الماضي. وكان الوزير ولد قابلية يرد على تقارير صحافية أشارت إلى تورط ماليين وأفارقة يقيمون في المدينة في النزاع الدامي الذي شهدته المدينة منذ الأسبوع الماضي، وقال الوزير إن حصيلة أحداث العنف القبلية التي شهدتها المنطقة انتهت إلى تسعة قتلى، فيما اعتقلت الأجهزة الأمنية 40 شخصاً متورطاً في هذه الأحداث تم تقديمهم للجهات القضائية قصد التحقيق معهم. "القاعدة" تبحث عن لملمة صفوفها نظرا لتعصي المهمة على الجماعات الإرهابية التي تنشط في المناطق الحدودية الجزائرية في كسب المعارك التي تواجهها مع قوات الجيش الوطني تلجأ الآن هته الكتائب الى إعادة ربط وصال علاقاتها و كذا توحيد أهدافها التي اجتمعت على ما يبدوا في سيناريوا واحد، و أعلنت "كتائب الملثمين" المرتبطة بالقاعدة والتي يقودها الإرهابي مختار بلمختار اندماجها مع حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا لتكوين تنظيم جديد يحمل اسم "المرابطون"، وجاء في بيان أصدرته الحركتان ونشرته وكالة الأنباء الموريتانية "التي درج المتشددون على استخدامها لنشر بياناتهم" "تعلن فيه حركة التوحيد والجهاد وكتائب الملثمين توحدهم وانصهارهم في حركة واحدة تحمل اسم المرابطون وذلك لتوحيد صف المسلمين حول هدف واحد لتحقيقه، و أصدرت السلطات الجزائرية لائحة تضم 15 مطلوباً من عناصر تنظيمي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والجماعات المسلحة التي تنشط في الجزائر. ونشرت سلطات الأمن الجزائرية قائمة تضم 15 اسما لعناصر مسلحة تبحث عنهم، وعممت السلطات اللائحة على مراكز الأمن والدرك والجيش. وقالت إحدى الصحف الوطنية إن اللائحة سيتم نشرها في الساحات العمومية، لتحريض المواطنين على إبلاغ مصالح الأمن عن أي من العناصر الواردة أسماؤهم وصورها في اللائحة ووضعت السلطات الجزائرية أرقاما خضراء تحت تصرف المواطنين للإبلاغ عن أية معلومات تخص المطلوبين ال15، وتسمح هذه النشريات بمتابعة أي تحركات للعناصر الإرهابية، خاصة في المدن، وتتيح للمواطنين فرصة المساهمة في المجهود الأمني.