يعتبر "البخور" و هو نوع من أنواع العطور من سمات البيوت الجزائرية المعروفة منذ الأزل يستعمله الرجال و النساء على السواء في العديد من المناسبات منها الأعياد و حفلات الزواج و الولائم و أيام شهر رمضان و الجمعة،لمكانته الخاصة عندهم يستعملونه كعلاج شعبي معتقدين أنه طارد الشياطين و يدرأ العين الحاسدة و يتفاءلون برائحته الزكية التي تنعش الصدور.يعد البخور من العادات والتقاليد المتأصلة بالمجتمع الجزائري ولاسيما بمنطقة ورقلة فهو المرافق الدائم لكل الأفراح والحاضر بلا منازع في جل المناسبات و خاصة بين النساء الكبيرات في السن و يستعمل في تبخير ملابس النساء و الأطفال و أجواء الغرف و المنازل ،حسب ما ذكرته "مسعودة حدو" مختصة في العطور التقليدية ومواد الزينة. البخور من إبداع أنامل نسوة.. وقد جرت العادة أن يحضر البخور المميز للأفراح والمناسبات السعيدة على غرار عقد القران والختان والأعياد الدينية من طرف ثلة من النساء اللواتي اتخذن من البخور حرفة أبدعت فيها أناملهن ويتراوح عددهن في الغالب ما بين 4 إلى 6 حيث يجتمعن في أجواء حميمة كما أضافت "حدو" بنبرة متحمسة لتلك الأجواء والمناسبات السعيدة. ..رائحته لا تغيب عن الأفراح لطالما كان البخور المرافق الدائم الذي يفرض تواجده بكل المناسبات التي لا تحلو من دون استنشاق رائحته الطيبة وهي تتصاعد في الأجواء وكأنها تريد أن تنبئ بدورها عن مكان الأفراح والمناسبات التي تجمع الشمل وسط أجواء بهيجة تفوح بعبق البخور" ،حيث تقول "حدو" "عندما نستنشق ريح البخور الزكية التي تتصاعد من الجزء السفلي المتوهج وهي تتسلل مداعبة أنوفنا محركة بتلك الشظايا العطرة حاسة الشم يكون لها أثر كوقع السحر في الأنفس" . "السرغين" و "الجاوي" سر وصفته ويحافظ المجتمع الجزائري و الورقلي بالأخص على عادة البخور التي تمثل جزءا من تراثه المتأصل المتوارث عن الأسلاف الذين يستخدمونه كوسيلة لطرد الشياطين وتطهير وتعطير زوايا وأركان البيت من أجل الترحيب بالأهل والضيوف،وإذا كانت طريقة تحضير البخور تختلف من منطقة لأخرى تظل المكونات التي تدخل في تركيبة البخور ذاتها ولكن لسكان ورقلة طريقة فريدة من نوعها حيث يحرصون على انتقاء أجود المكونات بكل عناية على غرار المادة الأساسية التي تدعى السرغين والجاوي وعنبر قمرية والسمبلية والمسك والمسكة والزعفران الطبيعي وعصير التمر وأنواع عديدة من الروائح مثل الزاوي . "دقان الريحة" و تناول التمر كفال خير ففي الأعراس وبعد انتقاء أجود المكونات وطحنها ودقها وتصفيتها يأتي موعد "دقان الريحة" في اليوم الثاني من العرس حيث تجتمع النسوة في مكان خاص وتضعن تلك المكونات في قصعة من الخشب لتشرعن في عملية فتل البخور مع تناول ثلاث حبات ثمر من طرف كل واحدة منهن كفأل خير يضفي رائحة عطرة على البخور ،ولأن عملية فتل البخور تتم في أجواء بهيجة وحميمة تردد النسوة وهن يضعن المكونات الواحدة تلوى الأخرى وترش بالروائح والماء المختلط بالزعفران أدعية ومدائح دينية على غرار " لالة مكة وعليك نزور ونزور سيدي رسول الله" لمباركة العرس وأهله. للعروس نصيب من البخور.. وبعد الانتهاء من عملية الفتل يصفى المزيج ويوضع في أطباق من السعف وتبقى مادة رقيقة أثناء تصفية البخور يحضر منها ما يدعى "المعجون " الذي يمزج مع البخور أثناء حرقه حسبما أفادت به مختصة العطور التقليدية مشيرة إلى أنه يتم توزيع جزء من البخور المفتول على المدعوين ليوم العرس وتحتفظ العروس بحوالي 20 كلغ منه في بيتها داخل علب مغلقة لمدة طويلة قد تصل 12 سنة. "البخارة" لبعث الطمأنينة و السكون ولأن البخور من العادات المتأصلة التي تطيب بها الجلسات ويحلو بها السمر تحرص العائلات بورقلة على تحضير ما يعرف ب "البخارة" المصنوعة من الطين التي لا يخلو منها بيت بالمنطقة حيث تشعل الفحم وترمي بقطع البخور التي سرعان ما يتوهج فتيلها وتتطاير شظاياها العطرة ليفوح عبقها فيعطر الأجواء ويبعث الطمأنينة والسكينة في الأنفس. إلا أن للدين رأي آخر.. سائل يسأل عن حكم استعمال البخور لطرد الشياطين؟فيجيبه إمام أنه لا يعلم لهذا العمل أصلاً شرعياً، والواجب تركه؛ لكونه من الخرافات التي لا أصل لها، وإنما تطرد الشياطين بالإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك))[2]، وقال له رجل: يا رسول الله ماذا لقيت البارحة من لدغة عقرب. فقال له صلى الله عليه وسلم: ((أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك))[3]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من قال حين يصبح: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء حتى يمسي، ومن قالها حين يمسي لم يضره شيء حتى يصبح)).