استقطبت تظاهرة "القصبة تحتفل بالشعبي" التي بادرت بتنظيمها جمعية "شباب مواهب"، امس السبت بالجزائر العاصمة، فضول وتجاوب زوار هذا الحي العريق الذي تزينت أزقته وشوارعه على امتداد القصبة السفلى بمعارض تضم مختلف الفنون والحرف التقليدية على أنغام موسيقى الشعبي من أداء أصوات شبابية تحتفل بمئوية طابع الشعبي. وقد استمتع زوار حي القصبة العريق الذين توافدوا بكثافة منذ الصباح الباكر وعلى امتداد شوارع وأزقة القصبة السفلى و متحفي الفنون التقليدية والشعبية (دار خداوج العمياء) و المنمنمات والخط (قصر مصطفى باشا) ببرنامج ثري ومتنوع تم إعداده بالمناسبة باشراك أبناء الحي والحرفيين الذين أثنوا على المبادرة وتمنوا استمرارها للترويج لمنتوجهم. وامتدت طوابير الزوار لاكتشاف مختلف المنتوجات الحرفية الإبداعية والمشغولات اليدوية التي أنجزتها أنامل الحرفيين بكل أناقة وجمال وإبداع يعكس جانب مهم من مكونات تراث حي القصبة التاريخي وأهم حرفها على غرار معارض النحاس والخزف الفني والآلات الموسيقية و فن الأرابيسك إلى جانب معارض فنون تشكيلية و قعدات شعبية من تنشيط أصوات شابة من ممارسي هذا اللون الموسيقي الاصيل. وانطلقت التظاهرة الفنية بموكب "نساء الحايك" اللواتي ارتدين هذا الزي التقليدي الجزائري العريق بكل أناقة وافتخار مرفوقات بأنغام فرقة الزرنة و على أيقاع زغاريد الزوار وحتى بعض السياح الأجانب الذي غص بهم هذا الموقع التاريخي ما خلق أجواء من الفرحة والبهجة والحيوية على مسار خط شوارع عمار خوجة ،محمد أكلي مالك ، الإخوة مشري ، دار مصطفى باشا. وفي لقاء فكري نظم على مستوى دار مصطفى باشا أكد الأستاذ والباحث نور الدين سعودي، أن "فن الشعبي الأصيل ولد وانتشر بالدرجة الأولى بحي القصبة العريق الشعبي بالعاصمة و كان رواده ومؤسسيه من أبناء القصبة القادمين من مختلف مناطق الجزائر ليتم تداوله فيما بعد عبر عديد المدن كمستغانم وبجاية قسنطينة وغرداية، لافتا أنه من رواد مدرسة الشعبي، "الشيخ الناظور و الشيخ مريزق ليقوم بعدها امحمد العنقى المعروف بذكائه الخارق في النهل من تراث شعر الملحون وعصرنة الموسيقى من خلال إدخال آلات عصرية كالموندول وهوما أدى إلى انتشارها وشهرتها ". واعتبر سعودي، أن جيل الفنانين الذين تتلمذوا على يد الشيخ امحمد العنقى واصل تجديد الطابع الشعبي وهو مسار طويل مازال قائما لتطوير هذا اللون الفني الأصيل ومنهم الراحلين الهاشمي قروابي ، بوجمعة العنقيس ، حسن السعيد، دون إغفال دور الموسيقار محبوباتي الذي قام بثورة فنية في مجال الشعبي تعكس عبقريته وذوقه الفني الرفيع وكذا الفنان بودالي سفير وغيرهم ممن أسسوا لمدرسة الشعبي الأصيلة. من جهته، أعرب المطرب و المؤلف و العازف على البيانو، الهادي العنقى –نجل عميد الأغنية الشعبية الشيخ امحمد العنقى — خلال اللقاء ، عن " إستحسانه للمبادرة التي شكلت لقاءا حميميا للتعارف بين مختلف الفنانين من مختلف الأجيال واكتشاف مختلف الإبداعات الفنية " ، مبرزا "اهمية التكوين الفني للجيل الجديد من ممارسي الطابع الشعبي وباقي الطبوع للحفاظ على التراث الموسيقي الجزائري واستمراريته". بدوره تطرق الأستاذ بالمعهد العالي للموسيقى وصانع آلة العود، تيرصان عبد القادر، إلى "أهم مكونات الجوق الموسيقي الشعبي الذي يعتمد على آلات مختلفة على غرار الغيتارة، الناي، الكمان، البيانو، القانون، البانجو، الرباب في حين لم يتم إدخال آلة العود" مؤكدا أن "آلة الموندول مصنوعة بالجزائر لأول مرة من طرف جزائري /إيطالي كان يقطن بحي بباب الوادي ولديها خصائص إيقاعية مغايرة لآلتي البونجو و الغيتارة". وبالمناسبة ذكرت رئيسة جمعية " شباب مواهب" ، نصيرة دواغي ، في تصريح لواج أن التظاهرة التي تتزامن وإحياء الذكرى المئوية لميلاد فن الشعبي تهدف إلى " مد جسور التواصل بين الأجيال الفنية للحفاظ على مخزون تراث الموسيقي الشعبية وهو الفن الراقي الذي كان حي القصبة فضاءا رمزيا وتاريخيا لميلاده وقد التف حوله كل أبناء مناطق الوطن لما يحمله من قيم فنية وذائقة راقية". كما تضمن برنامج تظاهرة "القصبة تحتفل بالشعبي" جلسات بيع بالتوقيع للكتاب نور الدين حموش، نور الدين لوحال وسمير جاما في حين احتضن مقهى مالاكوف وبعض الساحات القريبة من القصبة السفلى قعدات فنية لمواهب شعبية صاعدة الى جانب عرض للحكواتية بمتحف الفنون الشعبية و عرض ازياء رجالي للمصمم رضوان رباعين.