تلميذ الشيخ الحاج امحمد العنقى يكشف عضو لجنة تحكيم الطبعة التاسعة للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي الفنان مصطفى بوعافية من خلال هذا الحوار لس صوت الأحرارس عن ذكرياته مع معلمه الشيخ الحاج امحمد العنقى الذي درس لديه لمدة 10 سنوات وتناول ملامح تجربته ،كما يستعرض الأستاذ بمعهد الموسيقى للجزائر العاصمة و عضو مؤسسة العنقى التي تهدف للحفاظ على التراث الموسيقى الشعبية راهن الموسيقى الشعبية وموقفه من ظاهرة النيو شعبي ومدى مساهمة المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي في إحياء تراث الموسيقى الشعبية وتشجيع الأصوات الشابة بعض مؤدي الأغنية الشعبية يحذرون بأن التراث الموسيقى والأغنية الشعبية في خطر في حين يرفض آخرون هذه المقولة ، ما رأيك ؟ أعتقد أن مشكل أغنية الشعبي يكمن في مستوى التوزيع والحفاظ على هذا الموروث الشفوي والتقني ،لأننا لم نرسي وسائل لتحقيق ذلك، رغم ذلك أعتقد أن المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي الذي ينظمه ديوان رياض الفتح هو مبادرة جيدة و محاولة جادة لإكتشاف الأصوات الجديدة وترقية الأغنية الشعبية لكن بالمقابل نحن بحاجة لجهود أكبر لتطوير والترويج لهده الأغنية التراثية وهذا اللون الشعبي كما أنه من الضروري أن يتم التكفل بالجيل الجديد من الشباب محبي هذه الموسيقى علينا أن نعيد للشعبي مكانته ولرواده ، يجب توفير فضاءات أكثر لممارسة الأغنية الشعبية لنعيد لها الحياة لأن الشعبي مدرسة للتربية والأخلاق أخرجت أجيال من الفنانين المطلوب جهود كبيرة لتسترجع مكانتها ؟ ينبغي تظافر المبادرات وتكثيفها على المستوى الوطني مثل تعليم الأغنية الشعبية في المدارس ضمن برنامج المنظومة التربوية وأشير كمثال على تلك الجهود فتح الفنان أحمد زايدي وهو تلميذ الشيخ الحاج امحمد العنقى رحمه الله لمدرسة تعليم فن الشعبي بالجنوب الجزائري بمدينة غرداية وهي محاولة جيدة لإحياء هذا الفن الأصيل المرتبط بالهوية والثقافة المحلية و تحفيز الشباب لتعلم الأغنية الشعبية حيث مرر للشباب عصارة تجربته الفنية وتقنيات الأداء الصوتي والعزف على الآلات التي تعلمها هو عند الشيخ العنقى إذن هناك طليعة وجيل جديد ينزع نحو تأدية الأغنية الشعبية ومقولة إندثارها مجرد مخاوف؟ أكيد أنه هناك جيل جديد من عشاق الأغنية الشعبية تبشر بالخير وتواصل مشوار الأغنية التي تنبع من الشعب وإلى الشعب شريطة أن تدعم بالوسائل والإمكانيات وبالتشجيع والتحفيز على ممارستها لتتواصل ، وأتذكر أنه في زماننا في منتصف الستينات لم يكن يسمح للطالب في المعهد الموسيقى أن يقدم حفلا على الخشبة في الحفلات العامة إلا إذا حاز على جائزته الثانية لأنه يمثل المعهد الذي كان يمثل مدرسة إنظباط وتدريس عالي المستوى مع كبار الفنانين والموسيقيين واحتل حينها المرتبة الثانية بعد معهد باريس للموسيقى على المستوى المتوسطي ظاهرة الشعبي العصري والنيو شعبي كتيار فني حداثي ما هي مكانته داخل مسار الأغنية الشعبية ؟ ظاهرة النيو شعبي هو ممارسة بادر بها بعض الفنانين ، وأنا لست ضد هذا التوجه في الأغنية الشعبية ، لكنني لا أوافقها لأن إدخال بعض الآلات الموسيقية في الجوق الشعبي قد يخلخل ويؤثر على الأسس والأنماط التقليدية لهذا النوع الموسيقى ، كما أن الشعبي العصري يعتمد على الطقطوقات والأغاني الخفيفة وبأشعار سهلة الفهم سطحية غير عميقة المعنى وهو عكس القصائد الطويلة التي أبدعها شعراء كبار منذ قرون وهي من مدونة خزينة التراث الشفوي الشعبي الجزائري والمغاربي العريق تستدعي قدرات الحفظ ، وقد إختارت الموجة الجديدة طريق أغنية الشعبي العصري لأنه سريع الوصول إلى الجمهور بسبب نوعية المواضيع التي يتناولها في أغانيه و لن أصدر أحكاما على من إختاروا العمل في سياقه لأنني بذلك سأصدر أحكاما على هذا الجيل ، لأن لكل زمانه وإيقاعه ، وأشير أن إشكالية الشعبي العصري قد أثيرت خلال مرحلة الملحن والشاعر محبوب باتي رحمه الله الذي كان مؤسس هذا التوجه في الأغنية الشعبية من خلال أغانيه والطقطوقات وهو لم يستسهل الأغنية الشعبية مثل البعض اليوم ولكنه كان مؤلفا كبيرا وشاعرا عبقريا ذا قيمة كبيرة قدم أيقونات كلمته وألحانه لأيقونات الأغنية الشعبية الجزائرية وأيضا ملحن ومؤدي وساهم بعبقريته في شهرة العديد من الأسماء الفنية على غرار الراحل الهاشمي قروابي والشيخ الحاج بوجمعة العنقيس وعمر الزاهي ونخبة من الأصوات الشعبية التي لها حضور على الساحة الفنية كما أن من جهته النيو شعبي يقدم طقطوقات خفيفة من إبداع شعراء جزائريين شباب وتقدمها أصوات شابة مميزة لكن أعتقد أن الشعبي الحقيقي هو الشعبي الكلاسيكي الذي لا تموت نغمته ولا كلماته القوية هل يهدد الأغنية الشعبية التقليدية ؟ الموسيقى الشعبية التقليدية قاعدة ومرجع وجوهرلكل الأجيال لا يمكن أن نتجاوزها والمطلوب الكثير من البحث في هذا المجال فهناك قصائد لم يتم تأديتها من قبل وهي مجهولة إلى اليوم وبالتالي الشعبي هو من صميم إنشغالات الجمعيات التي تعمل على الحفاظ عليه لأن قراءة القصائد في فن الشعبي تستدعي الحفظ والقراءة الصحيحة للألفاظ والمخارج حتى لا نشوه القصيدة وسحرها وقوتها ودلالاتها كيف نحدد مصطلح الشعبي ؟ الشعبي ليس فقط مدرسة للفن الأصيل بل هو أسلوب حياة للعائلة وكان الشيخ العنقى رحمه الله يردد علينا دوما :س الشعبي هو لسان كل الأمهاتز التي تغني وتروي بسحر لأطفالها حكايا واساطير، الشعبي هو جزء من جذورنا ورغم المتاعب فلن يزول أبدا الشعبي ليس فقط مدرسة للفن الأصيل بل هو أسلوب حياة للعائلة وكان الشيخ العنقى رحمه الله يردد علينا دوما :س الشعبي هو لسان كل الأمهاتز التي تغني وتروي بسحر لأطفالها حكايا واساطير، الشعبي هو جزء من جذورنا ورغم المتاعب فلن يزول أبدا نعم ربما ،و للأسف لم ينتبه أحد حينها لفكرة ضرورة التأريخ لمسار وتاريخ أغنية الشعبي وللأسف لم يكتب الحاج امحمد العنقى مذكراته لتتبع الخيط الرفيع لتجربته التي أسس بفضلها لفن الشعبي وهو مغاير تماما لفن الصنعة بالعاصمة ، لكن بالمقابل أشير أنه تم إصدار كتاب بمثابة سيرة ذاتية للشيخ العنقى رحمه الله من طرف الصحفي الراحل رابح سعد الله وكانت محاولة مميزة لكنها تبقى سيرة ناقصة وغير شاملة وفيها الكثير من الفراغات حول حياة وإنجاز عملاق الشعبي الحاج امحمد العنقى ، وأعتقد أن تجربته بحاجة لدراسات كثيرة لتتبع كل تفاصيلها الإنسانية والفنية كما انها تصلح لتحول إلى فليم سينميائي مؤسسة الشيخ العنقى ، أين وصل المشروع ؟ أٍردنا من خلال تأسيس مؤسسة الشيخ امحمد العنقى الحفاظ على ذاكرته الفنية لأنه رمز ومؤسس مدرسة الشعبي،حيث رفقة إبنيه سيد علي والهادي وتلامذته تقرر إنشاء هذا الفضاء وكان ذلك في نهاية الثمانينات 1987 1988 بقصر رياس البحرلكن بعد أن منحنا رخصة مؤقتة للنشاط لم نتحصل على الإعتماد الرسمي لإستكمال نشاطاتنا وكان هدفنا الأساسي من المؤسسة إحياء وترقية أغنية الشعبي وتراث الشيخ ليس على مستوى العزف والأداء بل على مستوى بنية الشعر والكلمات التي تقدم بها لأن أغنية الشعبي عبر مسارها قدمت أجود النصوص الشعرية التي تسمع في الوسط العائلي بدون حرج ، والشعبي مدرسة تربية حقيقية لتمريرالقيم الراقية والذائقة الفنية الرفيعة وللأسف لم نتحصل على الإعتماد لمواصلة النشاط بشكل رسمي وأجهض المشروع دور الأغنية الشعبية كخطاب فني وطني خلال الثورة التحريرية ؟ كانت أغاني الشعبي رسائل محملة بشحنات ثورية ضد الإستعمار الفرنسي لكن ليس بصفة مباشرة لأننا كنا تحت عين الرقيب الفرنسي حيث كان يحضر ممثل الرقابة الفرنسية خلال الحفلات التي كانت تقدم وكان يراقب نوعية الكلمات والأشعار ومعانيها ،عموما كان فناني المرحلة ينتقون بعناية الأشعار التي يقدموها ماذا بقي في ذاكرتك عن شيخك ومعلمك الشيخ الحاج امحمد العنقى؟ لدي سيل من الذكريات أستحضرها يوميا حيث تتلمذت على يد الشيخ الحاج امحمد في مدرسة الشعبي لمدة 10 سنوات من 1966 1976 ،في المعهد الموسيقى الكونسرفاتوار بالعاصمة وكان بمثابة الأب الروحي الذي يرعى أبناؤه ولم يبخل علينا بالنصائح والتوجيهات وكان حريصا دائما على أن نتعلم معنى الكلمات والقصائد التي يتم تأديتها وكان بحق مدرسة حقيقية وله حضور قوي وكاريزما على الخشبة وفي الواقع كان الشيخ العنقى منضبطا وصارما في درسه معنا ما تقييمك للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي ؟ المهرجان مكسب لممارسي فن الشعبي والأغنية الشعبية وفضاء للقاء مختلف أجيال الشعبي لإستكشاف الأصوات الجديدة من هذا اللون الغنائي التراثي وما أتمناه أن يتم تكثيف مثل هذه المهرجانات والقاءات حول فن الشعبي عموما طيلة السنة وليس مناسباتية ، لأنه وللأسف هناك بعض المتطفلين على أغنية الشعبي ممن إتخذوا منها سجلا تجاريا وأصبح كل من يردد أغاني ونوتات هو من يتحصل على أعلى أجر وأصبحوا أثرياء على حساب الشعبي الحقيقي ، أنا لست ضد لكن يجب أن ننتقل بأغنية الشعبي نحو مستوى أعلى وتطعيمها خاصة على مستوى الكلمات والقصائد وأتمنى أيضا أن يفكر القائمون على المهرجان أن تخصص ملتقى وطني حول القصيدة في الأغنية الشعبية مثلا نخصص ملتقى يتناول قصائد شهيرة من درر التراث الشعبي والملحون الجزائري على غرار قصيدة ز الربيعيةس للشيخ قدور عاشوري الزرهوني وغيرها ما هي معايير ومقاييس اللجنة في تقييم المتنافسين ؟ هناك مجموعة من المعايير تعتمدها اللجنة منها حسن إختيار الهندام لأنه يعكس شخصية الفنان ومدى إحترامه للجمهور لأن الفنان يعني الأناقة ، طريقة العزف والأداء على الخشبة ، الأداء الصوتي وكيفية تقديم المخارج اللفظية وأيضا مدى حفظ النص الشعري وما رأيك في الأصوات المترشحة لهذه السنة ؟ لغاية أمس تفاجأت بنوعية الأصوات القوية والمتميزة واستمعت لجنة التحكيم خلال يوميات المهرجان وسهراته التنافسية لأصوات مبهرة كما وقفنا عند تنوع خارطة المدن التي يمثلها المترشحون للمنافسة حيث لم تعد الأغنية الشعبية خاصة فقط بالعاصمة والوسط بل رأينا تنوعا وتمثيلا لمختلف المدن الداخلية للجزائر العميقة وكان هذا هو طموح وحلم الشيخ امحمد العنقى أن ينتشر فن الشعبي في كل بيت عبر ربوع الجزائر الشاسعة.