أكدت النجمة الإعلامية صوريا بوعمامة أن أول عمل منشور لها الموسوم ب"أوراق لم تكن للنشر" يروي يوميات حميمية ومليئة بالحزن والخوف، عبر تفاصيل لا نراها في الوجوه التي تطل علينا من خلف العدسة مزينة بالمساحيق التجميلية. تحكي "بوعمامة" بصدق مأساتها المشتركة مع عمال التلفزيون وعالم الصحافة بشكل عام…عن هذه التجربة كان لنا معها هذا اللقاء. كيف كانت تجربتك في كتابة " أوراق لم تكن للنشر"؟ بطبيعة الحال الإعلامية هي التي كتبت الكتاب، يعني لست غريبة كليا عن عالم الكتابة، بل طوال مساري العلمي والمهني اختبرت ذلك المذاق الرائع بشكل يومي، ولو بصيغة مختلفة. لكن هذه التجربة أعطتني الكثير. شعرت فعلا أنني في حالة غير طبيعية، لأنني كتبت "أوراق لم تكن للنشر" من قلبي وبصدق تام، لذلك راودني إحساس وكأنني زرت طبيبا نفسانيا، رغم أنني مقتنعة أن جراح تلك السنين لن تندمل أبدا. حدّيثنا عن النقاط التي تطرقتي لها في الكتاب؟ رويت من خلاله تجربتي الإعلامية من خلال يومياتي خلال عشرية مهمة من تاريخ الجزائر و تاريخ التلفزيون من 1992 إلى 2000 التي شهدت اغتيال صحافيين كبار من التلفزيون والصحافة المكتوبة. لكن أن اروي قصتي وقصة الكثير من الأصدقاء إلى الأجيال القادمة، منحني القوة. لم أرغب في نبش جراح عائلات الزملاء الذين فقدناهم أثناء عشرية التسعينيات ولا حتى الزملاء الذين مازالوا على قيد الحياة واختبروا ضنك تلك المرحلة، لكن ما أردته هو أن لا ننسى كل ذلك الألم الذي عشناه، ونتذكر دائما أن هناك من أحب هذا البلد وكان مستعدا للتضحية بروحه من أجله، وأن لا نُصدر أحكاما على من كانت لديهم خيارات أخرى، لأنهم أيضا عاشوا أياما صعبة للغاية. لماذا كل هذه المدة لنشر هذا الكتاب؟ في الحقيقة انه ليس تأخر بل إنني كنت مرتبطة بكثير من المناصب الإدارية والحصص التلفزيونية التي أخذت منى كل الوقت ، فالعمل في التلفزيون وانشغالاتي ببعض الحصص المهمة أخذ الكثير من والوقت إلا أن خوض مثل هذه المغامرة كان بعيدا نوعا ما عن تفكيري. من هم الأشخاص الذين دفعوك للكتابة؟ لابد من أن أشير إلى جهد وفضل الكاتبة والصديقة "سميرة قبلي" مديرة منشورات الوكالة الوطنية للنشر و الإشهار، التي شكلت حافزا ودافعا قويا لكي أنطلق في هذا المشروع تحت إصرارها القوي. لكن مع هذا، كان الأمر صعبا في البداية، وفي لحظة ما راحت الأحداث في تونس تتعقد وحدثت مذبحة الشعانبي وأنا أتابع الأخبار، وكيف قتل أبرياء بالسلاح الأبيض، وذلك الصراخ المنبعث من كل مكان ذكّرني بكل ما عشناه، لحظتها قلت: " لا، يجب أن أستجيب لنداء الكتابة"، وفعلا رحت أكتب بلا توقف، ولم أغادر البيت طوال شهر رمضان، حتى في السهرة، لأنني شعرت أنه يجب أن نكتب مأساتنا بعد تصاعد الأحداث من حولنا في العالم العربي، من أجل أجيالنا ومن أجل الأشقاء العرب. ما تعليقك على فتح المجال السمعي البصري في الجزائر؟ أرى أنه شيء صحّي و أرحب بالفضائيات، فيتنافس المتنافسون...عيب أن يكون لدول أقل منا شأنا و قوة ما لا نملكه... أن تملك هي فضاء مفتوحا وان يبقى فضاؤنا مغلقا. كيف ترين وضع الصحفي في جزائر اليوم؟ وضع الصحفي في تحسن مستمر. فأوضاعنا منذ عشر سنوات تختلف عن وضعنا الراهن، و أتمنى أن يصدر قريبا قانون السمعي البصري حتى يفتح مجالات واسعة من الحرية و يحذف أي تجريم للمهنة والعمل الصحفي حتى يؤدي دوره على أحسن طريقة وهي أمنيّة كل صحفي وأن يجد هذا الأخير الفضاء الذي يخرج فيه كل طاقاته الإبداعية، فالكثير من الطاقات الصحفية تنتظر الفضاءات لتنفجر بالمعنى الإبداعي .