مختصون ل"الاتحاد": عدم تطبيق الإجراءات الرّدعية ضد مرتكبيها تُفاقم الظاهرة لا نكاد نتصفح جريدة من الجرائد الوطنية أو نسمع إحدى القنوات الإذاعية أو نشاهد قناة من القنوات التلفزيونية إلا و نسمع أو نشاهد أو نقرأ خبر جريمة بشعة يهتز لها سكان عين المكان،أبطالها هم شباب في مقتبل العمر خصوصا منهم المراهقين الذين وجدوا في الشّارع ملاذا لهم بعد أن فشلوا في إكمال دراستهم ،حيث زادت ظاهرة التسرب المدرسي من تغذية الظاهرة و تشجيع الشباب على قتل النفس التي حرم الله إلحاق الأذى بها إلا بالحق. تتنامى ظاهرة الإجرام بشكل مخيف في المجتمع الجزائري إلى درجة أن ما تورده وسائل الإعلام يوميا من أخبار عن اعتداءات ضد الأشخاص الأبرياء أصبح عاديا لدى المواطنين و لا يثير لديهم أيّ تساؤلات،فالظاهرة في استفحال إلى حدّ جعلت حياة المواطنين غير آمنة ،سواء في البيت أو في الشارع أو الأماكن العامة التي تحولت إلى حلبة لشجارات و ملاسنات عنيفة التي لا تستثني الألفاظ و السرقات الموصوفة يتزعمها شباب في مقتبل العمر أضحت تشكل السمة البارزة ليوميات المواطنين الجزائريين ،و كذلك تفشي ظاهرة استهلاك المخدرات و المتاجرة بها بمختلف زوايا و أزقة المدن الجزائرية ،الأمر الذي يولد لديهم الجنوح نحو الانحراف و ارتكاب أبشع الجرائم،هي الظاهرة الخطيرة التي ارتأت يومية "الاتحاد" أن تسلط عليها الضوء . جرائم زرعت الرعب في المجتمع أجمع بعض المواطنين الذين التقت بهم يومية "الاتحاد" خلال جولة ميدانية قامت بها في بعض شوارع العاصمة أن الجرائم التي تزايدت خلال السنوات الأخيرة زرعت الرعب في قلوبهم خصوصا الأولياء منهم،إذ تصيبهم حالة من الهستيريا و القلق بعد تأخر أبنائهم و لو لوقت قصير خاصة في الفترة المسائية،"ولينا تقلقوا على ولادنا كي يبطاو مع هذا الوقت اللي رانا نسمعو فيه غير لقتيلة و السريقة ربي يستر..واحد يخرج صباح لعشية معلبالوش واش حا يصرالو..الشباب تاعنا ضايع ني خدمة ني قراية ولاو يسرقوا باش إجيبوا المصروف.."،هي انطباعات و أخرى لبعض المواطنين الذين أكدوا أن الشباب الجزائري ليس بمجرم بل راح ضحية الأزمات الاجتماعية خاصة البطالة و أزمة السكن منها. جرائم تحصد أرواح الأبرياء "الخالة يمينة" أول من التقينا بها في إحدى محطات النقل بالعاصمة،و كانت تتأمل في مشهد شابين في العشرينيات من العمر و هما في حالة من الشجار و تبادل الملاسنات الكلامية مردّدة"ربي يهديكوم يا أولادي علاش راكوم تمرضوا في والديكوم.." هكذا كانت تقول بنبرة من الألم و الحسرة ما زاد فضول "الاتحاد" من معرفة سرّ الحسرة المرسومة على ملامح وجه "الخالة يمينة"،فلم تتردد في سرد قصتها المؤلمة التي كان بطلها مجرم حرمها من فلذة كبدها،حيث قالت أنه عشية يوم الأضحى الماضي ذهب ابنها حكيم البالغ ذو الواحد و العشرين ربيعا لاقتناء الأضحية من سوق المواشي حاملا معه مبلغ مالي لا يتجاوز الأربع ملايين دينار جزائري،كانت تنطق الكلمات بصعوبة كبيرة و هي تتذكر مأساة ابنها الذي تلقى طعنات خنجر من طرف مجرم تعدى عليه للاستيلاء على ماله بعدما رفض إعطاءه ذلك المال "كنت نستنى وليدي إيجيبلي الكبش و اكتب ربي أنوا إيجيبولي وليدي ميت و أنا نشري الكبش اللي نذبحو عليه"،لم تستطع "الخالة يمينة" إكمال قصتها فقد بكت و بكت جميع الحضور الذين كانوا معها،فأدركنا أن تلك الجرائم التي تحصد أرواح الأبرياء تؤلم الأولياء أكثر مما تضر بالضحية الذي ينتقل إلى جوار ربه،أما الأولياء خاصة الوالدة يحترق فؤادها كلما تذكرت أبناءها. مختصون ل"الاتحاد": عدم تطبيق الإجراءات الرّدعية ضد مرتكبي الجريمة تُفاقم الظاهرة و لمعرفة أسباب تنامي ظاهرة العنف و الجريمة في المجتمع الجزائري ،قامت يومية "الاتحاد" باتصال هاتفي مع الأخصائي الاجتماعي و أستاذ بجامعة غرداية محمد الطويل ،الذي أكد أن عدم تطبيق الإجراءات الرّدعية ضد مرتكبي الجريمة و عدم تطبيق القانون على أرض الواقع بحذافره زاد من تنامي ظاهرة العنف و انتشار الجرائم ، مضيفا أنه عدم تموقع الأمن في أماكن الجرائم يمنح فرصة للإجرام ،كما حصر ذات الأخصائي بعض العوامل على غرار البطالة و الإدمان على المخدرات و أزمة السكن و التسرب المدرسي التي اعتبرها أهم العوامل التي تدفع الشباب إلى السّرقة و القتل و ارتكاب أبشع الجرائم للحصول على الأموال لاقتناء سموم المخدرات، هذه الأخيرة التي تسهّل لهم الطريق نحو الانحراف، و في نفس السّياق يضيف الأخصائي محمد طويل أن غياب التنشئة الأسرية و ترك الأطفال خاصة المراهقين منهم دون مراقبة أمام وسائل الإعلام لمشاهدة أفلام الرعب و القتال تدفع بهم إلى تقليد بعض السلوكيات العنيفة و من ثم ارتكاب جرائم.