يحتضن مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران بالتعاون والتنسيق مع المركز الوطني للبحث في الاقتصاد التطبيقي والتنمية والوكالة الموضوعاتية للبحث في العلوم والتكنولوجيا بجامعة "منتوري" بقسنطينة، ندوة علمية أيام 2 ،3 و4 ديسمبر المقبل، بعنوان "الجزائر: التفكير في التغيير، ما هي إسهامات العلوم الاجتماعية والإنسانية؟"، حسب ما كشفه المكلف بالإعلام على مستوى المركز. الندوة ستعرف مشاركة عدد من الأساتذة وباحثين في مجال علم الاجتماع، على غرار الأستاذ حسن رمعون والأستاذة مساسي نادية والأستاذ بن جليد عابد والأستاذ سفير ناجي من جامعة الجزائر وبومعزة نذير من جامعة غرونوبل بفرنسا وغيرهم، والتي تعتبر امتدادا لورشة الأعمال التي تمت في شهر جانفي 2012 بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية. وتهدف هذه الندوة من خلال مشاركة وإسهام العديد من الكفاءات الوطنية، إلى التساؤل عن دوافع التغيير ومعانيه، وتستدعي الإجابة عن هذه الأسئلة – التي هي في حد ذاتها محل نقاش - محاولة البحث في وضعية البلاد مع طرح تفكير جوهري حول مسألة التغيير بشكل عام. لقد طرحت إشكالية التغيير كمطلب ملح على المستوى الاجتماعي والسياسي، لا سيما بعد خطاب رئيس الجمهورية يوم 15 أفريل 2011 ، وينتظر من الندوة أن تتناول الموضوع بالاعتماد على إصدارات علمية متنوعة تمس جميع المجالات، خاصة منها مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، وهي مسألة تمّ التطرق إليها على صعيد الرأي العام الداخلي، ناهيك عن الخبراء والمختصين. يستند المنهج المتبع في هذه الندوة إلى كل ما هو علمي ومعرفي، بالاعتماد على النقاشات والإيضاحات العلمية، وذلك تجنبا لأي اقتراح يخص أعمالا أو إصلاحات يُنتظر منها أن تحدث تغييرات أو تشير إلى بعض السياسات العامة أو الجهوية . بخصوص مسألة التغيير، فإن أغلب تخصصات العلوم الاجتماعية تهتم بإشكالية التغيير، وقد أعطت في هذا المجال إنتاجا علميا غزيرا وذلك منذ بدايات القرن التاسع عشر، دار فحواه حول مجمل القضايا الاجتماعية بما فيها مسألة التغيير، كما حظيت هذه المسألة باهتمام كبير في علم الاجتماع ولا سيما من طرف مدرسة شيكاغو. أما بشأن الاقتصاد، فتعد الأزمة التي اجتاحت نهايات العشرينيات (1929) محركا لها، بينما تساءلت الأنثروبولوجيا بشكل مثير للاهتمام حول أساسيات الجماعات الإنسانية وحول علاقة الهوية بالتغيير. لقد عمل الاقتصاد الصناعي بدقة متناهية على تحليل التغيير مستندا إلى طلب أرباب العمل. وتجدر الإشارة أن السياسات عامة قامت حديثا بمساءلة العلوم الاجتماعية حول العوامل والأفراد والمحفزات والآليات والصيرورة التي تصاحب التغيير والتي تُعنى به. وبناء عليه، تنضوي الأعمال العلمية الخاصة بعلم الاجتماع وعلم النفس والاقتصاد والجغرافيا والأنثروبولوجيا والتاريخ، وغيرها من العلوم حول التغيير، ضمن كل الإسهامات العلمية المقدمة والناتجة عن حقل العلوم الاجتماعية والإنسانية، وهي تسهم بطريقة مهمة وبناءة في التعريف بأسس وخيارات الفاعلين العموميين والمحليين داخل الشركات والمجتمع وداخل المؤسسات والإدارات. وتعكس الندوة العلمية "الجزائر: التفكير في التغيير"، الخطوط العريضة لبرنامج علمي بعيد المدى يتطرق إلى مسألة التغيير بجميع أبعادها، ومن أهداف الندوة اقتراح أفكار جديدة مصاغة حول محاور أساسية لمواضيع مهمة "كالسياسة" و"الديمقراطية" و"الحكم الراشد"، "تفعيل مبادئ العدالة" و"تحقيق شروط الأمن العمومي، وكذا الأمن الاجتماعي". إذا كان الرأي العام يستوعب التغيير في إطار الإصلاحات استجابة إلى تطلعات مطالب أكبر شريحة من السكان ومنتخبيهم وكذا ممثليهم، فإنه من الأجدر البحث عن من يريد التغيير، ومن له مصلحة في ذلك، وما هي نوعية التغيير المراد تحقيقه؟ أو بفكر أرسطي: ما هي السبل التي يتحقق بها التغيير؟ وما الذي يجب أن نغيره؟ وبأي شكل يتم؟ ولماذا يعد التغيير ضروريا؟ يدفع التفكير والتأمل في إشكالية التغيير إلى التساؤل حول العلاقة الموجودة بين التغيير في حتميته وأبعاده، وعليه، فإن التغيير المنتظر عادة من طرف المنتخبين، والساسة، وكذا المثقفين، مرده مرة إلى الأحداث السياسية التي هزت بعض البلدان العربية منذ ديسمير 2011، ومرة أخرى إلى حجم التطورات الإعلامية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية المرتبطة بتطورات العولمة وقضايا التنمية المعاد تشكيلها وفقا لمقومات البلدان السائرة في طريق النمو، يضاف إلى ذلك ضرورة إعادة النظر في النظام الدولي الجديد المعروف عنه أنه حالة ما بعد الاستعمار، وهو بذلك يعيد إنتاج الهيمنة الغربية على العالم. وبعيدا عن الالتزام بالنقاشات المتعاقبة والتي تتمحور حول موضوع المطالب السياسية للمنتخبين، فإن الاهتمام الرئيسي لهذه الندوة يتمحور حول مجموع مجالات التفكير التي ينبغي أن تُعنى بوجهة النظر العلمية، وذلك من منظور يمكنه أن يسهم في المعرفة نفسها، كما من شأنه أيضا أن يفيد الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين.