حذّر مجمع الفقه الإسلامي في جدة من خطورة الإساءة إلى المقدسات الإسلامية، ومن نتائج ''لا تحمد عقباها'' جرّاء الاستهانة بمشاعر المسلمين، مبديًا استنكاره بشدّة لتلك التّصريحات ''الاستفزازية'' للأنبا بيشوي، سكرتير المجمع المقدس، والّتي زعم فيها تعرّض القرآن الكريم للتّحريف بعد وفاة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عهد عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين. وندّد المجمع بآراء بيشوي في مؤتمر كنسي عقد مؤخّرًا، والّتي أثارت مشاعر الغضب لدى المسلمين، بعد أن ادعى ''الرجل الثاني'' بالكنيسة بأنّه ربّما أضيفَت نصوص إلى القرآن أثناء جمعه في مصحف واحد في عهد عثمان بن عفان، وهو ما اعتبره ''اعتداءً صارخًا على كتابهم الّذي له عندهم عظيم المكانة وأجل المنزلة''. واعتبر المجمع في بيانه نشرته صحيفة ''المصريون'' الإلكترونية، أنّ تلك التّصريحات الّتي أدلى بها بيشوي ''لا تصدر إلاّ عن أنفس حاقدة على القرآن الكريم، وعلى الإسلام والمسلمين، بل وعلى البشر جميعًا''، الهدف منها ''إثارة الضغائن والأحقاد والفتن بين الأمم والشعوب، وتقطيع الصلات بين بني البشر''، كما أنّها ''تنبئ عن جهل بمكانة القرآن الكريم السامية، ومنزلته العالية''. ودحض البيان ادعاءات بيشوي، قائلاً إنّ ''القرآن الكريم بكلّ سوره وآياته وكلماته وحروفه هو كتاب الله تعالى المنزّل على رسوله محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم وأنّ صحابته رضوان الله تعالى عنهم لم يتدخّلوا بالزيادة أو النقصان في نصّه المقدّس حال جمعه ولو بحرف واحد، وأنّ دور الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه لم يزد ولم ينتقص من النّص الّذي تركه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولو بحرف واحد وأنّه سيظلّ محفوظًا مصانًا عن أي تحريف إلى يوم القيام''. وساق البيان آيتين وردتَا في القرآن الكريم كدليل على تكفّل الله عزّ وجلّ بحفظ القرآن من أيّ عبث قد يطاله، قال تعالى: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، وقال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ × فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ}، وقال إنّه سيظل عزيزًا محاطًا بالقدسية والتّعظيم إلى يوم القيام رغم أنف المتطرّفين والحاقدين، الّذين لَن ينالوا من حملاتهم سوى الخُسران المبين في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ويَأْبَى اللَّهُ إلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ}. ودعَت أمانة مجمع الفقه الإسلامي اليهود والنّصارى، إلى ''أن يتعرّفوا على ما يحمله القرآن الكريم من قيم رفيعة، ومبادئ سامية، تنبذ العنف والكراهية، وتدعو إلى السّلام والتّسامح والتّراحم بين بني البشر جميعًا''، وإلى أن يقفوا بحزم وشدّة في وجه التّطرف والمتطرّفين، وأن لا يتركوهم يقودونهم إلى الأفكار الّتي تشعل نيران الفتن في مجتمعاتهم وخارجها، على حد البيان. وكرّرت النِّداء إلى الأممالمتحدة بضرورة إصدار قانون يضع الضوابط والأحكام لحرية التعبير عن الرأي الّتي صارت سببًا لإيذاء الآخرين، بما يحفظ حرمة مقدساتهم ورموزهم الدينية، وتؤكّد لها بأن أيّ استهانة بمشاعر المسلمين سيؤدي إلى نتائج لا تحمَد عقباها على السلم العالمي. وكان الأنبا بيشوي قد أثار جدلاً واسعًا بشكوكه حول عصمة القرآن، عبر تساؤله في نص محاضرة له وزّعَت ضمن الكتيب الرسمي لمؤتمر ''تثبيت العقيدة'' الّذي عقد بمدينة الفيوم في 21 سبتمبر الجاري عمّا إذا كانت بعض آيات القرآن الكريم قد قيلت وقتما قال نبي الإسلام القرآن، أم أنها أضيفت فيما بعد في عهد عثمان بن عفان، ودعَا إلى مراجعتها قائلاً: الحوار والشرح والتفاهم يجعل الشخص المقابل لك يبحث داخل ذهنه ويفتش حتّى يلغي آية تتهمنا بالكفر.